ـ(163)ـ تلخيص واستنتاج الكميت يعرض لنا بشعره وخاصة بهاشمياته صورة تكاد تكون متكاملة لأسس الحكم الإسلامي، وهي صورة لها قيمتها لأنها تعبر عن رأي الثائرين في القرن الأول وأوائل القرن الثاني في الحكم. وليس كل الثائرين في هذا القرن لهم نظرية متكاملة في الحكم والحاكم. الخوارج آنئذ لهم آراء أقرب إلى البداوة، ويلفها الغموض والتعصب الأعمى، واللجاجة والجهل. وبقية الأحزاب من زبيريين وغيرهم لا هم لهم إلا السيطرة على الحكم، وتبقى هذه المجموعة الموالية لأهل البيت. فهي ثائرة على أساس من هدى القرآن والسنة، ولها نظريتها الإسلامية في الحكم والحاكم. وتقوم على أساس احترام إرادة الأمة وكرامتها وعزتها وشخصيتها الرسالية. وهذا هو هدف السياسة الإسلامية والساسة المسلمين. وكان علي عليه السلام يخشى دائما ضياع هذا الهدف، فيتسلط على الناس من يسحقوا كرامتهم ويستهينوا بحقوقهم، ويجرحوا عزتهم. يقول: "ولكنني آسي ان يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولا، وعباده خولا، والصالحين حربا، والفاسقين حزبا..."(16). أساس الانحراف سيطرة السفهاء.. ونتيجة هذه السيطرة العبث ببيت مال المسلمين، والاستهانة بكرامة المسلمين، وتقريب الفاسقين، وأبعاد الصالحين. وأساس الحكم الإسلامي الصالح حكومة الصالحين، والعدل في توزيع الثروات، وحفظ كرامة الناس وعزتهم، وأبعاد الفاسقين، وتقريب الصالحين. وعلى هذا الأساس فقط يمكن ان نعرف مدى قرب الحكم من الإسلام، لا على أي أساس ظاهري آخر.