ـ(139)ـ وقد كان الصحابة اختلفوا في قطع الأشجار وهدم البيوت على بني النضير، فقطع قوم منها، وترك آخرون، قال الإمام الماوردي رحمه الله تعالى: أن في هذه الآية دليلا على أن كل مجتهد مصيب.(نقله عنه القرطبي في تفسيره 18: 8). وقال تعالى ? وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ $ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ?(سورة الأنبياء: 79). وكان كل منهما عليهما الصلاة والسلام قد خالف الآخر في حكمه فحكم بشيء مخالف للآخر. وفي صحيح البخاري(2: 436) عن ابن عمر قال: قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم لنا لما رجع من الأحزاب: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة" فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي لم يرد منا ذلك، فذكر للنبي صلّى الله عليه وآله وسلم فلم يعنف واحدا منهم، ومعلوم أنه لا يقرهم على باطل!! وفي البخاري(9: 101 برقم 5062) عن عبدالله بن مسعود أنه سمع رجلاً يقرأ آية سمع النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قرأ خلافها، فأخذت بيده فانطلقت به إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم فقال: "كلاكما محسن". وروي البخاري(13: 318: برقم 7352) ومسلم(3: 1342: 1716) قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". وهذا يدل أن العلماء المختلفين وهم المقصودون بقوله(الحاكم) وهو الفقيه المجتهد المؤهل للنظر يثاب سواء أخطأ أم أصاب لأن غايته الوصول للحق وأرضى الله تعالى، وهو وأن خالف المجتهد الآخر واختلف معه في حكم المسألة فهو مثاب