ـ(123)ـ واقتصر على بيان المبادئ والأحكام العامة غير متعرض لتفصيلاتها وجزئياتها التي تختلف باختلاف الأزمنة والبيئات والأحكام الجنائية اقتصرت نصوص القرآن والسنة على عقوبات القصاص، والحدود في ستة أمور لاخلاف فيها بين العلماء وهي السرقة، والحرابة، والزنا، وقذف المحصنات وشرب الخمر والردة ولم تتعرض النصوص لغيرها بل تركتها لاجتهاد أولي الأمر يقررون عقوباتها على ما يرونه زاجرا ورادعا. وكذلك الأحكام الدستورية والاجتماعية والمالية أكثرها عامة كالشورى بدون ذكر تفصيلها واعداد القوة في سياسة الدفاع والحرب، وتقسيم الأموال في الزكاة والغنائم والفئ بذكر الأصناف المستحقين بدون ذكر كيفية التقسيم وهكذا. 4 ـ السياسة الشرعية: فمن أجل هذه المرونة في الشريعة الإسلامية نرى ان الحكومة الإسلامية الملتزمة بالإسلام ومن معها من أولى الأمر وأهل الحل والعقد أو أهل الشورى يجدون امامهم مجالاً واسعاً في باب السياسة الشرعية أي سياسة الأمة بالأحكام الشرعية بحيث تستطيع الحكومة المسلمة تحقيق كل مصلحة خالصة أو راجحة ودرء كل مفسدة خالصة أو غالبة وهي في ظل الشريعة السمحة لا تخرج عنها ولا تحتاج إلى غيرها. وهذه السياسة لا تجوز ان تعارض القواعد والنصوص فلا سياسة إلا ما وافق الشرع كما قال ابن عقيل: السياسة ما كان فعلا يكون معه الناس أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد، وان لم يضعه الرسول، ولا نزل به وحي. فإن أردت بقولك إلا ما وافق الشرع. أي لم يخالف ما نطق به الشرع فصحيح، وان أردت إلا ما نطق به الشرع فغلط. فمن أبواب السياسة الشرعية تشكيل الوزارات. وتنظيم الإدارات الحكومية، وتنظيم المحاكم في القضاء وترتيبها، والميزانية ومراقبتها، والتعزيز والردع في العقوبات وإسقاط بعض العقوبات أو إيقافها لأسباب شرعية وغيرها.