ـ(72)ـ أوجب الشارع الإسراع في تغسيله وتكفينه وتجهيزه للدفن، ولا يجوز نبش قبره إذا دفن، ولا يجوز التمثيل به وتقطيع أعضائه، بل هو من المحرمات الكبيرة التي لم يجوزها الشارع حتى بالنسبة إلى الكلب العقور، غير إن عناية الشارع بالصحة العامة مع تقدم العلوم جعلته يسوغ اقتراف هذا العمل لتلك الغاية، مقدّماً بدن الكافر على المسلم والمسلم غير المعروف على المعروف منه، وهكذا... ج- التشريع الإسلامي ذو مادة حيوية: إن التشريع الإسلامي في مختلف الأبواب مشتمل على أصول وقواعد عامة تفي باستنباط آلاف من الفروع التي يحتاج إليها المجتمع البشري على امتداد القرون والأجيال. اخرج الكليني عن عمر بن قيس عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: سمعته يقول: "إن الله تبارك وتعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الأُمة إلاّ أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله، وجعل لكل شيءٍ حدّاً، وجعل عليه دليلاً يدل عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحدّ حدّاً ". روى الكليني عن أبي عبدالله عليه السلام انه قال: "ما من شيء إلاّ وفيه كتاب أو سنة". وقال الإمام الطاهر موسى الكاظم عليه السلام عندما سُئل عن وجود كلّ شيء في كتاب الله وسنة نبيه قال مجيباً: "بل كلّ شيء في كتاب الله وسنة نبيّه". نعم، تتجلى حيوية مادة التشريع إذا أخذنا بسنة رسول الله المروية عن طريق أئمة أهل البيت، فقد حفظوا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله عندما كانت كتابة الحديث أمراً معرضاً عنه، ولذلك صارت أدلة الفقه الإسلامي متوسعة كافلة لاستنباط الأحكام، وبذلك أغنوا الأُمة الإسلاميّة عن مقاييس ظنية كالقياس والاستقراء ومالا دليل عليه من الكتاب والسنة على وجه القطع واليقين.