ـ(518)ـ "من مسّ ذكره فليتوضأ" فإنّه مخالف لظاهر الكتاب، وهو قوله تعالى: ?لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أنّ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أنّ يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ?(1) فإنّما نزلت في الاستنجاء بالماء وهو لا يمكن إلاّ بمس الفرج، فلو كان مس الذكر من الحدث لما حصل التطهير أبداً. وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: "لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب" فإنّه يخالف عموم قوله تعالى: ?إنّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أنّ لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أنّ سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إنّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ?(2) فلا يترك العمل بالكتاب. 2ـ أنّ لا يكون مخالفاً للسُنة الصحيحة المشهورة بأنّ خبر الصحيح أقوى منه، فلا يصح المعارضة به فيترك في مقابلته، كما روي أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم قضى بشاهد ويمين، فإنّه مخالف للخبر الصحيح المشهور، وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: "البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر"(3). 3ـ أنّ يكون في حادثة لا تعمّ بها البلوى، لأنّه إذا كان فيما عمّت به البلوى فلا بدّ أنّ يكون متواتراً أو مشهوراً. 4ـ وأن لا يظهر من الصحابة - رضي الله عنهم - الاختلاف فيها وترك المحاجّة، كما وقع الاختلاف منه في خبر الواحد بين الأصحاب، وتركوا المحاجّة به فهو متروك لا يحتجّ به. ذهب عامّة المتأخّرين من الأحناف والأُصوليين وأهل الحديث إلى أنّه حجّة، كما روي عن زيد بن ثابت عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: الطلاق بالرجال، فالصحابة اختلفوا في المسألة، فذهب زيد بن ثابت وعمر وعثمان وعائشة - رضي الله عنهم- إلى الأخذ بهذا القول وبه أخذ الشافعي، وذهب علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - إلى أنّ الطلاق معتبر بحال المرأة، أخذ به أبو حنيفة. وأما الشروط التي في المخبرين فهي: _______________________________________ 1 ـ سورة التوبة: 108. 2 ـ سورة المزمل: 20. 3 ـ البخاري، مسلم.