ـ(508)ـ 3ـ المقطوع: هو الموقوف على التابعي قولاً لـه أو فعلاً (1). والحقّ أنّ السنّة والخبر والحديث ليست بمعنى واحد بل هناك فرق بينها ؛ فالسنّة تطلق عند المحدّثين والأُصوليّين على قول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وفعله وتقريره. والخبر والحديث هما ناقلان للسنّة وليسا نفس السنّة، كما يظهر من معناهما اللغوي والاصطلاحي ؛ فالخبر ما يخبر عن الأخبار الماضية وعن سنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، والحديث ما يحدِّث عن سنّته صلّى الله عليه وآله وسلّم وعن سنّة أصحابه، والصحابة ناقلو السنّة وعاملون بها: بقولهم وفعلهم، بصفتها بيان كتاب الله تعالى وشرحه، وواجبة الاتباع. لو أنصفنا القول، فإنّ السنّة المصطلحة لا تُطلق على قول الصحابي والتابعي وفعلهما وتقريرهما، لأنّ السنّة المصطلحة هي ما صدر عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم من قول أو فعل أو تقرير، والصحابة - رضي الله عنهم - ناقلو السنّة ومبلِّغوها وعاملون بها، وقد جاهدوا بأنفسهم وأموالهم لتطبيق أحكام القرآن والسنّة وإحيائهما في مجال الفكر والعمل. إنّهم قاموا برواية السنّة في بيان القرآن الكريم، ونقلوا السنّة إلى الناس برواية ما سمعوا وتلقّوا من الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بعد انتهاء عصر الوحي، ففسّروا القرآن على مبنى السنّة، وفسّروا السنّة بما شاهدوا من مواضع التنزيل والأحوال التي نزلت فيها النصوص، وبما شاهدوا من النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وأعماله في الأوضاع المختلفة، وهم أقرب إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من سائر الناس، تعلّموا وتربّوا وتزكّوا في ظلال الوحي ونبوّته، ولهم من الإخلاص والعقل والاتباع للهدى النبوي ما يجعلهم أقدر على معرفة مرامي الشرع ويوردهم مورد التقدير والاحترام. مع ذلك فهم ليسوا بمعصومين عن الخطأ والنسيان، فصحّة روايتهم عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وأقوالهم وأفعالهم وسكوتهم مقيّدة بقيود وشروط، وهي بمنزلة معايير وموازين شرعيّة _______________________________________ 1 ـ المقدمة للنووي على المسلم النامي شرح الحامي.