ـ(480)ـ المشكلة باتّخاذ شعار ديني مضادّ لـه، وعملوا من مفهوم البدعة حربة في تعاملهم، واستغلّوا لذلك بعض العلماء المرتزقة والأقلام العميلة، وأحياناً العقول البسيطة والأفهام الساذجة، فخطبوا ما خطبوا وكتبوا ما كتبوا، والجهات السياسية الخادمة لهم قد دعمت الدعايات بكلّ وسائل إعلامها: من المنابر والجرائد والأجهزة الإذاعية حتّى ملؤوا الجوّ ضدّ ذاك الإعلان المقدّس طعناً وردّاً وتشويهاً، ورموه بأنّه بدعة في مناسك الحج وانحراف عن الدين لايتلاءم إلاّ مع مذهب الخميني، ولا غرو من ذلك كلّه حينما نقارنه مع ما نشاهد من انهيار الاستكبار في أوساط المسلمين، ببركة الثورة الإسلاميّة المقدّسة والصحوة العالمية المستمدة من نداء ذاك الإمام، الذي هزّ الغرب وحيّر الشرق وأحيا السنّة وأمات البدعة. نعم من الواضح أنّ الإمام الخميني لم يعلن المسيرة أو التظاهرات أو كتابة اللافتات أو أيّ شيء من هذا القبيل كأحد مناسك الحج المحددة بعناوينها، بل أعلن عدم انفصال الحجّ بل التوحيد عن البراءة من المشركين ورفضهم قولاً وعملاً، وركّز على تحقيق هذا الشعار السامي في الحج، وأمّا إقامة المسيرات والتظاهرات ورفع الصوت بالشعارات المناسبة فإنّما هي أساليب متّخذة لتلك الكبرى، التي لا مجال لأيّ مسلم أنّ ينكرها إلاّ مكابر ينكر الشمس في وضح النهار، فإنّ جميع العبادات الإسلاميّة هاتفة بنفي الشرك بأساليب شتّى، ويتضح ذلك بمراجعة ما تضمّنته الأدعية الواردة في الحجّ وغيرها، وهي شعارات يعلنها المسلمون كما أنّ الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم استغلّ فرصة الحجّ لإعلان البراءة وقراءة الآيات التي ترسم موقف الإسلام تجاه المشركين. ويستشفّ ذلك بكلّ وضوح حينما نراجع مناسك الحج للإمام الخميني فإنّا نرى أنّه قدّس سرّه قد عدّ مناسك الحج طبقاً لما رسمه سائر الفقهاء حرفاً بحرف، فحينما يركّز على إقامة المسيرة أو المؤتمرات في الحج للبراءة من المشركين فما أراد من ذلك إلاّ تطبيق كلمة "لا إله