ـ(472)ـ السبّاحتين، ثمّ قال: يا معشر المسلمين إنّ أفضل الهدى هدى محمّد وخير الحديث كتاب الله، وشرّ الأمور محدثاتها؛ ألا وكلّ بدعة ضلالة ألا وكلّ ضلالة ففي النار"(1). وهكذا يروي الهندي بإسناده عن سليم بن قيس أنّه سأل ابن الكوا عليّاً عن السنّة والبدعة وعن الجماعة والفرقة فقال: يا بن الكوا حفظت المسألة فافهم الجواب: السنّة - والله - سنّة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم والبدعة ما فارقها، والجماعة - والله - مجامعة أهل الحق وإن قلّوا والفرقة مجامعة أهل الباطل وإن كثروا(2). وذكر المجلسي هذا الحديث بنفس العبارة بإسناده (3). فنستشف بكلّ جلاء أنّ السنّة منتمى كلّ المسلمين، والبدعة وهي مفارقة السنّة؛ فلا مجال للكلام حول حجّية السنّة وقيمتها عند المسلمين، وإنّما نتكلّم بالذات حول إطار السنّة وطرق إثباتها، أي بماذا تثبت السنّة وما هي حدودها الشاملة. ومن الطبيعي أنّ نبدأ في دراستنا لتحديد المفهوم اللغوي والاصطلاحي للسنّة، ثمّ الاطلاع على آراء مذاهب المسلمين حولها: في مجال اللغة: للسنّة معانٍ أو بالضبط موارد كثيرة للاستعمال تناسب بعضها مع بعض، وتلتقي في أصل واحد بعد الدقّة وعملية الاستكشاف، والموارد التي تناسب دراستنا هذه هي الموارد التالية: قال ابن منظور: "...والسنّة السيرة حسنة كانت أو قبيحة". ويقول في موضع آخر: "السنّة في الأصل سنّة الطريق، وهو طريق سنّه أوائل الناس فصار مسلكاً لمن بعدهم"(4). ويقول الجوهري ما نصّه: "السنن الطريقة، يقال: استقام فلان على سنن واحد... _______________________________________ 1 ـ بحار الأنوار 2: 163. 2 ـ كنز العمال 1: 378، حديث 1644. 3 ـ راجع بحار الأنوار 2: 166، حديث 22. 4 ـ لسان العرب 13، مادة سنن.