ـ(445)ـ فائدة الاقتداء، لأنّه يطلعنا على أحوال الماضين، من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم، ويخضع التاريخ لأصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني"(1). وفي معرض حديثه عن أثر التطرّف في رواية التاريخ أكّد ابن خلدون "إنّ النفس البشرية إذا كانت على حال الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقّه من التمحيص والنظر حتّى تتبيّن صدقه من كذبه، وإذا خامرها تشيّع لرأي أو نحلة قبلت ما يوافقها من الأخبار"(2). ونحن نحتاج إلى تلك الرؤية الموضوعيّة لتاريخنا، وسوف نجد الكثير من المواقف التي تدفعنا إلى الاعتدال وتشجّعنا على إدانة التطرّف المذهبي، وتشجيع كلّ دعوة إلى التقارب والتناصر، وإلى نبذ كلّ خلاف يؤدّي إلى تعميق التعصّب وتغذيته. أهمّ المبادئ والأسس في الفكر الإسلامي: وهناك مبادئ وأسس يجب أن نعتبرها من الثوابت الراسخة والمفيدة في فكرنا الإسلامي وأهمّها ما يلي: أّلاً: اعتبار الإنسان هو المحور الذي حرصت الشريعة على توفير أسباب الكرامة لـه في حقوقه الإنسانية وفي مطالبه الاجتماعية، والإنسان هو المؤتمن على هذه الأرض، يعمّرها بجهده، ويشيّد بناءها بعمله، ويسخّر الطبيعة لخدمته. ثانياً: الثقة بالعقل البشري، كمخاطب مكلّف بالفهم والتفسير والتأويل، ولا حدود لثقة الإسلام بقدرات العقل، وضمنت الشريعة للعقول البشرية حقوقها في اختيار وسائلها في المعرفة، والتمست لها العذر فيما تقع فيما تقع فيه من أخطاء في التفسير والفهم والاجتهاد ما دامت ملتزمة بضوابط الفهم وقواعد الاستدلال. _______________________________________ 1 ـ المقدمة: 13. 2 ـ المقدمة: 46.