ـ(354)ـ 1 - محاولة إعطاء زمام المبادرة بيد السنّة: لا شكّ أنّ من جملة عوامل القدرة على البقاء والدفاع عن النفس هو امتلاك زمام المبادرة أمام الحركات المعادية، وحيث إنّ الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يعلم أنّ سنّته سوف تواجه حركات عدائية وعقبات عديدة في طريقها، فلذا سعى إلى جعل زمام المبادرة بيد السنّة، لكي تتصدّى للمواقف الهجومية عندما تحدث. ولقد كان لهذه المحاولة النبويّة تأثيرها في تمكين السنّة من البقاء ومواصلة حركتها على مرّ التاريخ، بحيث يمكن القول بأنّه لولا هذه المواقف الصارمة لآل الأمر إلى ضعف السنّة وانحصارها. وفي هذا المجال اتّخذ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عدّة مواقف يمثّل كلّ واحدٍ منها سدّاً بوجه حركة من الحركات المضادّة للسنّة ؛ وأهمّها: 1 - إيجاد التقابل بين السنّة والبدعة مع التحذير الشديد من البدعة. ولإيضاح هذا الموقف النبوي نشير إلى نكتتين: الأول: لم يكن في زمن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم للبدعة ظهور بارز كحركة فاعلة في الأُمّة. الثانية: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كان قد ركّز تركيزاً شديداً على محاربة البدعة والتحذير منها بأساليب شتّى. وفي ضوء هاتين النكتتين نفهم أنّ تعامل النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مع البدعة كان يحمل طابعاً هجومياً، وأنّه أراد بذلك أنّ يسبق الزمن قبل استفحال حركة البدع فاستعدّ وأعد، والحقيقة أنّه لولا موقف النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم هذا لا نفسح المجال أمام المبتدعين لتوسيع نشاطهم وترويج بدعهم، إذ إنّ هذا الموقف أوجد شعوراً عند الأُمّة بلزوم السعي بالبقاء ضمن نطاق السنّة وإبداء الحساسية تجاه ما يمت إلى البدعة بصلة، ونورد هنا بعض الروايات النبوية حول البدعة ؛ منها قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: