ـ(352)ـ بالنسبة إلى مجموعة فكرية محدودة فكيف الأمر بالنسبة إلى السنّة التي شملت جميع ميادين الحياة. ثانياً: إنّ السنّة لم تكن خلال مسيرتها الطويلة عبر التاريخ بمأمن من المحاولات العدائية التي استهدفت الإطاحة بها أو تضعيفها، ورغم ذلك فإنّها بقيت وترسّخت في أوساط الأُمّة. وفي ضوء ذلك فلا ينبغي قصر النظر على النتيجة، وهي: بقاء السنّة من دون النظر إلى تلك العناصر التي تظافرت للوصول إلى هذه النتيجة. ولذا آثرنا أنّ يكون بحثنا مركزاً على كشف ودراسة العناصر التي لعبت هذا الدور. عناصر بقاء السنّة: يمكن تقسيم العناصر التي أدّت إلى بقاء السنّة ومواصلة طريقها إلى ثلاثة مجموعات: المجموعة الأولى: ما تمّ بعناية وجعل من البارئ تعالى: لم تتضمن الآيات القرآنية مقوّمات بقاء السنّة فحسب، بل إنها أعطتها تلك الهوية التي جعلت السنّة تحمل طابع المرجعية في التشريع، وهذا ما يمكن استفادته من الآيات القرآنية وهي على أقسام، أهمها مايلي: ما يلزم الأُمّة طاعة الرسول غير المشروطة، كقوله تعالى: ?مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إنّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ?(1). وقوله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إنّ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً?(2). _______________________________________ 1 - سورة الحشر: 7. 2 - سورة النساء: 59.