ـ(316)ـ الإسلام بأمر التربية والتعليم، حتّى عُدّ ذلك من الهدف الأسمى لأصل بعثة الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلم، كما قال الله تبارك وتعالى: ?هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ?(1). كما أنّه إذا كان وجهٌ من وجوه كيفية وضع الضرائب أصلح بشأن المستضعفين والفقراء والمحرومين من وجه آخر من تلك الوجوه، كان عليه أن يرجّح الأوّل على الثاني، وذلك لشدّة اهتمام الإسلام بشأن الفقراء والمحرومين، حتّى ورد عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "إنّ الله سبحانه فرض في أموال الأغنياءِ أقوات الفقراء، فما جاع فقيرٌ إلا بما مُتّع به غنيّ، والله تعالى سائلهم عن ذلك"(2). وهكذا يجب على وليّ الأمر في كل عصر وزمان عند مواجهة حالات التزاحم وعند ترجيح بعض المصالح على بعض أو ترجيح بعض الصيغ القانونيّة على بعض أن يلحظ الأولويّة بحسب الموازين والقيم والأهداف الإسلامية العامّة، لا بحسب الموازين المادّية البحتة، ولا بحسب الموازين والأفكار المستوردة من حضارات غير إسلاميّة. هذه جملة من الضوابط العامّة لملء منطقة الفراغ، وقد أشرنا منذ البدء إلى أنّ بعضها قابل للبحث والنّقاش بمقتضى الاتجاهات الاجتهاديّة المختلفة، ولم نقصد هنا التبنّي لاتّجاه اجتهاديّ خاصّ، وإنّما قصدنا الإلمام الإجمالي بها بقدر ما يسعه هذا المقال. منطقة الفراغ وما لا نصّ فيه: وقد وقع الخلط والاشتباه لدى بعض الباحثين بين فكرة منطقة الفراغ وبين ما لا نصّ فيه من الكتاب والسنّة حيث قال: "ونحن لا نقدر أبداً على التسليم بوجود فراغ في _______________________________________ 1 - سورة الجمعة: 2. 2 - نهج البلاغة: باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام، الحكمة 328.