ـ(28)ـ القرآني الرئيسي، والذي فرض أن تكون طريقة طرح القرآن الكريم للمفاهيم المتعددة بهذا الشكل المتداخل، ليكون مزيجاً يحقق حالة الشفاء للبشرية: ?وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا?(1). حاجة العصر إلى التفسير الموضوعي: لقد عرّف الإسلام في أنظمته وتشريعاته طريقه للمجتمع في بداية الأمر من خلال التطبيق، وذلك لأن الجانب الاجتماعي من الإسلام لم يطرحه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله كنظريات عامة ومبادئ دستورية عن المجتمع وعلاقاته المختلفة، ثمّ جاء التشريع والتقنين بناءً فوقياً لها ليشمل جميع نواحي الحياة، وإنّما طرحه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله في كثير من الأحيان من خلال التقنين والتشريع وبيان الأحكام المختلفة في قضايا المجتمع التفصيلية. ومن هنا لا نجد البحث الموضوعي النظري يدخل في الشريعة الإسلاميّة إلاّ في العصور المتأخرة من تاريخ المسلمين، لأن المجتمع الإسلامي كان يباشر التطبيق للقانون الإسلامي على أساس أنه تشريع وأحكام من قبل الله سبحانه لابد من الالتزام بها ضمن نطاقها المعين وفي حدودها الخاصة، بلا حاجة إلى معرفة النظرية التي يقوم عليها الحكم الشرعي، وكيفية معالجتها لمشاكل الحياة الاجتماعية. ويكاد يختص هذا الأمر بالشريعة فقط دون الجانب العقيدي للإسلام، فإنّه كان ولا يزال مجالاً للبحث النظري، بسبب أنّ جانب التطبيق فيه هو فهم النظرية والإيمان بها، وهذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله حيث طرح العقيدة النظرية الإسلاميّة بشكلها العام. وحين انحسر الإسلام عن التطبيق في مجتمع المسلمين، وواجه النظريات المذهبية المختلفة ظهرت الحاجة الملحّة إلى البحث الموضوعي القرآني في مختلف المجالات، لأن ________________________________ 1ـ الإسراء: 82.