ـ(26)ـ وهكذا... فلم يتناول القرآن- مثلاً- مسألة التوحيد في سورة، والنبوّة في أُخرى، وهكذا... بل طرح الموضوعات والمفاهيم طرحاً متداخلاً ومزدوجاً؛ فنجده وفي قطعة واحدة- بل وحتى في آية واحدة أحياناً- يتعرّض لمسألة التوحيد والوحي وخبر نبي ما، وتهديد قوم ما، وبشارة الآخرين.. وفي أحيان كثيرة يكرّر القرآن الكريم هذه المفاهيم كلّها أو بعضها وفي مواضع متعددة وبأشكال مختلفة. وقد شكّلت هذه الطريقة في عرض المفاهيم والأفكار سِمة من سمات القرآن الكريم، ولم تكن مسألة عادية، بل هو منهج استهدف القرآن من خلاله هدفاً معيناً، وهو هدف التغيير الاجتماعي الجذري، وذلك لأن الأفكار والمفاهيم على الإنسان بهذا الشكل يؤثر عليه تأثيراً خاصاً، ويبني روحه ونفسه بناءً محكماً متداخلاً، من خلال عملية تربوية موضوعية يعيشها الإنسان أثناء تفاعله مع القرآن الكريم ومفاهيمه. وقد كان للقرآن الكريم- إضافة إلى هذه الطريقة العامة في العرض- أسلوب خاص في العرض أيضاً، أسلوب جعل هذه الآيات مقطعة وبهذا الشكل، وذات بداية ونهاية معينة. ميزة التفسير التجزيئي الخاصة: وبعد معرفة هذا يمكن أن نفهم دور التفسير التجزيئي الذي يتابع منهج القرآن في التفسير، والهدف الذي يحققه من دون أن يتمكّن التفسير الموضوعي من تحقيقه ويتخلص(هذا الهدف) بما يلي: أوّلاً: يمكن من خلال هذا المنهج معرفة الحالة التي كان يعيشها المجتمع في عصر النزول بشكل دقيق، وكذلك بعض الحالات الخاصة بالمجتمعات الأخرى، كحالة النفاق لدى اليهود مثلاً، وذلك من خلال ملاحظة حركة الواقع المعاش وكيفية معالجته في