ـ(230)ـ ولو صحّت هذه الأدلة لكانت إثباتاً لعصمة الصحابة أو لشيء يساوق ذلك، ومهما كانت الحصيلة العلمية للمرء ضئيلة فإنّه- مع ذلك- يدرك آن الثناء على الصحابة لا يستلزم جعل الحجية لسنّتهم، وأن الصحابة اختلفوا بعد النبي صلى الله عليه وآله، وأن سير بعضهم قد تقاطعت، ولو كانت سنتهم حجّة لكان معنى ذلك أنّ الشارع يأمر بالشيء وضده معاً، كما أن تقديم أقوال الصحابة لا يستلزم القول بحجية سنتهم، فقد يكون ذلك على أساس أن الصحابة أدرى من غيره بسنة النبي صلى الله عليه وآله (1). السُنّة في المدرسة الإماميّة: تختلف المدرسة الإماميّة عن مدرسة المذاهب الأربعة في تناولها للبحث الأصولي، من جهة هيكلية البحث وطريقة التناول العلمي. وإذا كانت المدرسة السنية قد أفردت باباً خاصاً للسنة ودرستها بعنوان أنّها المصدر التشريعي الثاني فذلك لأنها أفردت أبواباً لدراسة مصادر التشريع كلّ منها بعنوانه، بينما سار البحث الأصولي في المدرسة الإماميّة على أساس هيكلية أخرى، فتناولت السنّة في بعض المفردات، كمفردة حجية الخبر الواحد ولم تدرسها بعنوانها، باستثناء عدد قليل من الأعلام أفردوا باباً خاصاً للسنة في مؤلفاتهم ودرسوها بعنوانها، كما عليه الفاضل التوني في كتابه "الواقعية في أُصول الفقه"، والشيخ محمد رضا المظفر في "أُصول الفقه"، وما تناوله هذان العالمان يختلف عن منهج الأصوليين السنّة، فقد تناولا تعريف السنّة، ثمّ دراسة دلالات الفعل والقول والتقرير، ثمّ تقسيم الأخبار إلى السنّة متواترة وآحاد، ثمّ إثبات حجية خبر الواحد بالأدلة المختلفة، ولم يتناولوا البحوث الأخرى التي تناولها أصوليو السنّة من البحوث التي جعلها علماء الإمامية أما ________________________________ 1ـ انظر مناقشة هذه الأدلة بالتفصيل في: السنّة في الشريعة الإسلاميّة: 21- 29، محمد تقي الحكيم.