ـ(20)ـ والباحثون يرجعون إلى القرآن الكريم للحصول على أجوبة للمسائل والمشاكل التي تعترضهم. ومن الواضح أن المنهج الذي كانوا يتبنونه آنذاك كان هو(المنهج التجزيئي)، إذ كانوا يأخذون من القرآن الكريم مقطعاً ويحاولون في كلّ مقطع منه أن يجيبوا عن التساؤلات المرتبطة به أو يحلوا المشكلات التي يعيشها الواقع الموضوعي في ضوء ما يقرره ذلك المقطع. وكمثال آخر، فإنّه وفي بداية تقنين علم النحو والبلاغة وأثناء قيام العلماء بمحاولات استكشاف القوانين التي تحكم هذه العلوم، نجد أن كتب التفسير في ذلك الوقت قد تأثرت بهذه الإثارات والتساؤلات، وقد أصبح القرآن الكريم هو المصدر الأساسي لاستكشاف هذه القواعد والدليل الذي يستشهد به هذا العالم أو ذاك. وحتى في عصرنا الحالي، فإننا نجد مصاديق هذا المدعى وبوضوح في تفسير "المنار" أو "الميزان" أو "في ظلال القرآن" أو غيرها. إذ نجد أن هناك محاولات يبذلها هؤلاء المفسرون بحسب مستوياتهم للإجابة ومن خلال تفاسيرهم عن التساؤلات والإثارات التي يشهدها الواقع الموضوعي الخارجي. وعلى هذا، فإننا نرى أن هذا المرجح أمر مشترك يمكن أن تنعكس على كلا المنهجين، ولا ينبغي للفظة(الموضوع) هنا أن تحدد ارتباط مسألة التفاعل مع الواقع الخارجي ومحاولة الإجابة عن التساؤلات والإثارات التي يطرحها هذا الواقع من خلال القرآن، بمنهج التفسير(الموضوعي) وحده دون التفسير التجزيئي. وأما المرجح الثاني فهو مرجح إيجابي وصحيح لصالح المنهج الموضوعي في التفسير، وذلك لأن ميزة هذا المنهج الأساسية- بحسب تصورنا- هي في إمكانية الوصول من خلاله إلى النظريات القرآنية بمختلف القضايا التي تناولها وتحدّث عنها القرآن