ـ(182)ـ ولم تضمحل أهمية هذا المنهج بعد ظهور كثير من المناهج التفسيرية كالمنهج اللغوي والعقلي، ومنهج الرأي، والمنهج العلمي، والصوفي، والباطني والتاريخي والبياني والفلسفي والموضوعي والاجتماعي والأدبي، لأن المعروف بداهة أن جملة من المعارف والعلوم كمعرفة أسباب النزول، أو الناسخ والمنسوخ، أو تفسير المبهم، وغيرها، لا يمكن اكتسابها إلاّ عن طريق الرواية، ولا مجال لتحصيلها عن طريق الدراية. ولما كان المنهج الأثري هو الطريق الذي يسلكه المفسر للكشف عن مراد الله تعالى في كتابه الكريم، معتمداً على ما بيّنه القرآن الكريم وفصّله وعلى الآثار الصحيحة الواردة عن الرسول صلى الله عليه وآله وأصحابه أو تابعيهم على قول، فإن اختلاط تلك الآثار الصحيحة بغيرها قد جعل التفسير بالمأثور عرضة للنقد، إلاّ أن تنقية المأثور ممّا علق به وهو ليس منه تكشف عن صلاحيته وديمومته، لذلك سوف نتعرض لأهم خصائص هذا المنهج، ومن ثمّ دراسة أهم الجوانب التي نراها ذات أثر كبير في تقويمه. عسى الله تعالى أن يوفقني للصواب إنه نعم المولى ونعم النصير. المبحث الأول- خصائص المنهج الأثري أولاً: يكشف عن مراد الله بدلالته: من الواضح أن خير ما يفسّر كلام الله تعالى هو القرآن الكريم نفسه، ومن ثمّ السنّة النبوية المطهّرة لأنهما صنوان لمشرع واحد، قال تعالى: ?مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى _ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى _ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى _ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى?(1). وان كان للمنهج الأثري مصادر أخرى يستقي منها ويعتمد عليها وهي المأثور عن أهل ________________________________ 1ـ سورة النجم: 2- 5.