ـ(115)ـ حجّة معتمداً عليها في إثبات شيء من ذلك، على أنّ فيما بينها من التعارض ما يسقطها من الاعتبار. فالطريق المتعيّن لهذا الغرض هو التدبّر في سياق الروايات والاستمداد بما يتحصّل من القرائن والأمارات الداخلية والخارجية، وعلى ذلك نجري في هذا الكتاب، والله المستعان"(1). فسورة يس- على سبيل المثال- مكية بشهادة سياق آياتها ودلالة مضامينها؛ إذ إنّ أغراض السورة بيان الأُصول الثلاثة للدين "التوحيد والنبوّة والمعاد"(2). وفي ضوء قاعدة السياق أيّد المفسّر العلاّمة ما روي عن ابن عباس من أنّ سورة الرعد مكية، ورفض أن تكون مدنية بتمامها أو بعض منها وهو المروي عن أنس بن مالك والحسن وعكرمة وقتادة، والذي يفيد أنّها مكية سياق آياتها وما تشتمل عليه من المضامين باعتبار أنّ غرض السورة بيان ما نزل على النبي صلى الله عليه وآله من الكتاب أنّه الحقّ الذي لا يخالطه باطل، فإنّ الذي يشتمل عليه القرآن من كلمة الدعوة هو التوحيد الذي تدلّ عليه آيات الكون من رفع السماوات ومدّ الأرض وتسخير الشمس والقمر وأمثالها(3). وقال في تفسير قولـه تعالى: ? أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ ?(4). "ظاهر السياق أنّ المراد بكيدهم هو مكرهم بالنبي صلى الله عليه وآله بما رموه من الكهانة والجنون والشعر والتقوّل ليعرض عنه الناس ويبتعدوا عنه فتبطل بذلك دعوته وينطفئ نوره، وهذا كيد منهم ومكر بأنفسهم حيث يحرمون لها السعادة الخالدة والركوب على صراط الحقّ بذلك، بل كيد من الله بقطع التوفيق عنهم والطبع على قلوبهم. ________________________________ 1ـ الميزان 13: 235. 2ـ الميزان 17: 62. 3ـ الميزان 11: 284- 285، وراجع: الطباطبائي ومنهجه في تفسيره: 211- 213. 4ـ سورة الطور: 42.