والحنابلة) يرون أن ما صح من شرع من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخ في شريعتنا، من طريق الوحي في القرآن أو السنة النبوية، لا من جهة كتبهم المبدلة، فيعمل به ما لم يرد في شرعنا خلافه، ولم يظهر إنكار له؛ لأنه شرع من الشرائع التي أنزلها الله، ولم يوجد ما يدل على نسخه، فنكون مطالبين به، لقوله تعالى: ?أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده...?(1) وقوله سبحانه: ?ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً...?(2). وفريق الشافعية ومثلهم الأشاعرة والمعتزلة والشيعة: يرون أن شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا مطلقا إلاّ ما أقرته شريعتنا، لقوله تعالى: ?... لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً...?(3) ولأنه لو كان شرع السابقين شرعاً لنا لكان تعلمه ونقله وحفظه من فروض الكفايات كالقرآن والأخبار النبوية، ولرجع الصحابة إليها في مواضع اختلافهم حيث أشكل عليهم، كمسألة العول، وميراث الجدة، والمفوضة، وبيع أم الولد، وحد الشرب، وربا النسيئة، ومتعة النساء، ودية الجنين، وحكم المكاتب إذا كان عليه شيء من النجوم، والرد بالعيب بعد الوطء، والتقاء الختانين، وغير ذلك من أحكام تقررها الأديان والكتب، ولم ينقل عنهم مراجعة التوارة، ولا يجوز القياس إلاّ بعد اليأس من الكتاب(4). ويمكن التوفيق بين الرأيين بأن أدلة المثبتين تدل على أصل إمضاء الشرائع السابقة واقرارها دون الأخذ بظواهرها جميعاً وإذا أقرت شريعتنا أصل الشرائع كانت حجة وعلينا اتباعها على كلّ حال، لكن الكتب المتداولة عند اليهود والنصارى ليست حجة بالنسبة الينا لتحريفها، وهذا متفق عليه.