و: ?ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ?(1). نقل المفسرون أقوال السلف فيهما. فكان لهم قولان لا ثالث لهما: أولهما: أن المراد بالوجه في الموضعين هو الله تعالى، فقوله ?كلّ شيءٍ هالك إلاّ وجهه?. معناه: كلّ شيء هالك إلاّ هو. وقوله: ?ويبقى وجه ربك ? معناه: ويبقى ربك. والثاني: أن المراد في الآية الأولى فقط هو: كلّ شيء هالك إلاّ ما أريد به وجهه أي ثوابه من الأعمال الصالحات(2). وأما الموضع الأخير الذي ورد فيه ذكر الوجه، وهو قوله تعالى: ?... فأينما تولوا فثم وجه الله ?(3)؛ فقد اقر ابن تيمية بما نقل فيه عن السلف من أن المراد بالوجه هنا: الجهة، وقال بعد ذلك: هذه ليست من آيات الصفات (4)، وهكذا مع سائر الآيات. والحقيقة أن هذا ليس الموضع الوحيد الذي أنكر فيه ابن تيمية ما يخالف عقيدته، فكثيراً ما أنكر أحاديث صحيحة وأقوال السلف ووقائع التاريخ من أجل الانتصار لمذهبه، وليس هذا موضع ذكرها، وإنّما الغرض التنبيه إليها، والى أن متابعته عليها من غير نظر ولا تحقيق تعد مجانبة للعلم ولحقائق الدين، ولن تكون في صالح التقريب البتة. خلاصة: خلاصة القول: أن أكثر مواضع الخلاف المنتشرة في التفاسير التي اعتمد فيها العقل والرأي الملتزم بالضوابط الأصولية قد نجمت عن خلافات مسبقة في الاعتقادات، لذا لا ينبغي النظر إليها وكأنها حقائق دينية ثابتة لا يتطرق إليها الخطأ. وهذه حقيقة لسنا أول من يقول بها، بل إنّ سائر المفسرين قد أدركوها؛ لذا نجدهم