يتصور بعضهم ـ ممن غفل عن معرفة حقيقة الدين الإسلامي الحنيف ـ أن الإسلام ضغط على المرأة وحرمها من حقوقها وسلبها حريتها، وهذا شيء من الجهل بحقائق الشريعة السمحاء، فإنه يرى الدين من خلال مجموعة من النساء اللواتي اقتصرن على القيام بالأعمال الخاصة بهن ـ أما لتقصير أو لقصور ـ ولكن المتتبع سيرة الأولياء تنكشف لـه الحقيقة التي هي كضياء الشمس، ولكن: قد تنكر العين ضوء الشمس من رمدٍ وينكر الفم طعم الماء من مرض فإذا تصفحنا التاريخ نرى المرأة المسلمة قد شاركت أخاها الرجل في كلّ مجال فيه لله تعالى رضى. فتحدثنا كتب التاريخ عن أعداد من النساء المسلمات اللواتي كان لهن دور في شتى العلوم والمعارف ـ الإلهية وغيرها ـ وفي مقدمتهن نساء أهل البيت، ومهبط الوحي، ومعدن الرسالة، وذلك ابتداء بمولاتنا الزهراء سيدة نساء العالمين عليها السلام، وثمرتها العقيلة زينب بنت علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ، وسكينة بنت سيد الشهداء أبي عبدالله الحسين ـ عليه السلام ـ، وغيرهن من ربات الخدر ومنازل الرسالة، وانتهاء بنساء عصرنا الحاضر ممن طال باعها في الفقه، والتفسير، والنحو، والبلاغة، والشعر، والحديث ومن اللواتي لمعت أسماؤهن في كتب التاريخ والرجال. وقد عزمنا في هذه الصفحات أن نذكر عشرين زهرة فواحة من زهور رياض رواة الحديث اللواتي أجزن من العلماء الكبار، وأجزن لذوي الحل والعقد من نقلة الأخبار، وذلك باختيار عشر تراجم من الخاصة وعشر من العامة، استدلالاً منا على اهتمام الفريقين بمنزلة المرأة المسلمة وبدورها الفاعل في نقل الأخبار والآثار، راجين بذلك أن يكن منهلاً عذباً تنهل المرأة المسلمة من رويه، وزهرة فواحة تنتعش بعطرها، وقدوة حسنة تقتدي بها، لكي تسمو في سماء الرفعة والمجد، وتكون مصدر مباهاة وفخر أمام