الأخرى، فساهمت تك الكتابات بتعميق الجراحات وتشويه الصور. في هذا المجال أحب أن أشير إلى أن القراءة الصحيحة للمذاهب والفرق هي التي تعتمد على ما كتبه أصحاب تلك المذاهب وعلماء تلك الفرق، يجب الرجوع إلى أهل الآراء لمعرفة آرائهم، فهم أقدر على عرضها وأدق في تصويرها، وتصوير أدلتها. أما إذا رجع الباحث في دراسته لفرقة من الفرق ولمذهب من المذاهب إلى مخالفيهم فلن يحصل على نتائج دقيقة ولن يرى تمام الحقيقة ولن يقف على تفصيل معتقداتهم وآرائهم. والمؤسف أن هذا يحدث كثيراً بيننا وبعض منا يبني نظراته تجاه الآخرين على ذلك. قد تسمع بحادثة بسيطة وشجار مختصر بين اثنين من أصحابك، وتكون في ذهنك صورة من خلال ما سمعت، لكنك ستفاجأ إذا استمعت إلى ذوي العلاقة لمقدار الاختلاف بين الواقع والنقل، هذا مع اتحاد الواسطة فكيف إذا تعددت، وكيف إذا رافق ذلك سوء ظن وعصبية وما شابه. فنحن ندعو الباحثين إلى التجرد، والتحلي بالإنصاف، وأخذ معلوماتهم من المنابع الصافية والمصادر المباشرة. وهناك نقاط أخرى يجدر الإشارة إليها، تتعلق بكيفية دراسة فكر الآخرين والتعرف على آرائهم. الأولى: التفريق بين الرواية والرأي، فإن وجود رواية في كتب قوم لا يدل أبداً على أنهم يفتون بمضمونها أو يعتقدون صحتها ويعملون بها، فكثيراً ما نراهم يثبتون النصوص في مصادرهم ويتركون أمر دراستها إلى مجال آخر أو إلى أهل الفن، فربما ناقشوا سندها أو متنها، وربما كانت معارضة بغيرها، وربما كان تخالف الكتاب أو السنة القطعية مما يقتضي طرحها. والنتيجة أنّه لا تلازم بين الرواية والاعتقاد.