المتصرف المدبر أو من بيده أزمّة الأمور أو ما يقرب من ذلك ولا يصح تفسير الإله بالمعبود و إلا لفسد الاستدلال، واليك الآيات الواردة في ذلك المجال. 1 ـ ]لو كان فيهما آلهة إلاّ الله لفسدتا...[(1). فإن البرهان على نفي تعدد الآلهة لا يتم إلاّ إذا جعلنا «الإله» في الآية بمعنى المتصرف المدبر أو من بيده أزمّة الأمور أو ما يقرب من هذين. ولو جعلنا الإله بمعنى المعبود لانتقض البرهان لبداهة تعدد المعبودين في هذا العالم، مع عدم الفساد في النظام الكوني وقد كانت الحجاز يوم نزول هذه الآية مزدحم الآلهة ومركزها مع كون العالم منتظما، غير فاسد. وعندئذ يجب على من يجعل «الإله» بمعنى المعبود أن يقيده بلفظ «بالحق» أي لو كان فيهما معبودات ـ بالحق ـ لفسدتا ولما كان المعبود بالحق مدبراً أو متصرفا لزم من تعدده فساد النظام وهذا كله تكلف لا مبرر له. 2 ـ ]ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كلّ إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض...[(2). ويتم هذا البرهان أيضاً لو فسرنا الإله بما ذكرنا من أنّه كلّ ما يطلق عليه لفظ الجلالة. وأن شئت قلت: أنّه كناية عن الخالق أو المدبر المتصرف أو من يقوم بأفعاله وشؤونه. والمناسب في هذا المقام هو الخالق، ويلزم من تعدده ما رتب عليه في الآية من ذهاب كلّ إله بما خلق واعتلاء بعضهم على بعض. ولو جعلناه بمعنى المعبود لانتقض البرهان، ولا يلزم من تعدده أي اختلال في الكون وأدل دليل على ذلك هو المشاهدة فإن في العالم آلهة متعددة وقد كان في أطراف الكعبة المشرفة ثلاثمائة وستون إلها ولم يقع أي فساد واختلال في الكون. فيلزم على من يفسر(اله) بالمعبود ارتكاب التكلف بما ذكرناه في الآية المتقدمة.