من هذا وغيره يتضح أن الحكم على المذهب الإمامي ارتجالي، وهو مما تعود الناس أن يحكموا به على أرباب المذاهب والطوائف، اعتماداً على ما في بعض الكتب القديمة، أو استناداً إلى بعض الآراء المسمومة، أو ملاحظة للرأي العالم المقلد المتعصب، ويجب أن يتنزه أو لو العلم والنظر عنها، ذلك بأن هذه الأحكام الجائرة لم تستوف خطواتها العلمية الصحيحة، ومقدماتها التي يجب أن تسبقها. ونتساءل من خلال منهج علمي صحيح مجرد عن العصبية، هل من الحق في شيء أن نتخذ موقفاً عاماً من مذهب ما، على انفراده بمسائل فرعية، أو حمل علماؤه وفقهاؤه فكرة أو رأياً انفردوا به ولهم في تبرير ذلك دليلهم الخاص الذي اعتمدوه من آثار واردة، وربما كان منصوص عليه من أئمتهم، وفي عدد محدود من المسائل، لان يكون سبباً كافياً للتحامل على المذهب وجمهوره وعلمائه وفقهائه ومفكريه، وإخراجهم من دائرة الإسلام؟ بل المنهج العلمي يقتضي المناقشة الهادئة بروح من التسامح ـ مع احترام جميع الآراء ـ للدليل المعتمد في تلك الآراء والأحكام؟ وأن يكون موقفنا منها محكوماً بالاطلاع على مصادر الأدلة الصحيحة وتفسيرها تفسيراً موضوعياً، وأن ننظر إلى التراث الفقهي نظرة شاملة لا تنحاز لمذهب دون غيره، فكل هذا التراث ملك الأمة وعلينا أن نتدارسه وننتفع بكل خير يدلنا عليه. ومن اطلع على ما كتبه علماء الإمامية رضوان الله تعالى عليهم من المختصرات والمطولات في مختلف العصور من مقارنة المسائل الفقهية في مختلف أبواب الفقه بآراء وأقوال أئمة المذاهب الأخرى كالشيخ المفيد وما كتبه في رسائله المختصرة، والسيد المرتضى وما دونه في كتبه: الانتصار، ومسائل الخلاف، والناصريات، والشيخ الطوسي وما أثبته في كتابيه: المبسوط، ومسائل الخلاف؛ والعلامة الحلي وما ذكره في كتابيه: تذكرة