ماذا نحن فاعلون؟! أنا لست من أنصار المواجهة مع أمريكا أو غيرها.. بل أدعو - كما يدو أمين عام الجامعة العربية- إلى الحوار معها.. ولكن من يقوم بالحوار من جانبنا؟! ليس للعرب ولا للمسلمين مرجعية.. بل نحن مشتّتون.. متفرقون.. قلوبنا شتّى.. ولو كنا متوحدين لأختلف الأمر اختلافا كبيرا.. ولما تجرأ علينا الآخرون.. لا أمريكا ولا إسرائيل.. ولا أي كائن من كان.. وهذه نبوءة خاتم النبيين محمدا صلى الله عليه وسلم «يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها.. قالوا أمن قلة نحن يا رسول الله؟ قال لا.. ولكنكم يومئذ غثاء كغثاء السيل».. النبوة تحققت.. فعدد المسلمين في العالم اليوم يتراوح مابين 1200 إلى 1500 مليون مسلم.. ولا يعمل أحد لنا حسابا.. في حين أن عدد اليهود في العالم لا يتجاوز أحد عشر مليون ويعمل الكل لهم ألف حساب!! واذن ليس هناك ما يدفع عنا المصير الحالك الذي ينتظر أمة الإسلام إلاّ بأن نتبع ما أمرنا الله به، وهو أن ننبذ الفرقة والخلافات فيما بيننا «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا» (آل عمران 103) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا».. هذه هي الوصفة التي إن اتبعناها وغيّرنا ما بأنفسنا من الشكوك فيما بيننا وعدم الإحساس بالمصير المشترك.. إن غيّرنا ذلك غير الله حالنا إلى أفضل مما نحن عليه «ان الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم » (الرعد 11).. ولكن كيف نفعل ذلك؟! أمامنا مثل الاتحاد الأوروبي.. له مفوضية وله برلمان وله رئاسة دورية بالتناوب بين دول الاتحاد كل ستة أشهر.. وهم الآن بصدد اعتماد دستور جديد ينص على أن يكون للاتحاد رئيس منتخب ووزير خارجية، حتى يتكلم الاتحاد بصوت واحد، ويكون صوتا مسموعا يمثل 25 دولة، ابتداء من العام القادم.. أعتقد أننا – سواء الدول العربية أم الدول الإسلامية – مازلنا بعيدين جدا عن وضع كهذا.. برغم أنه كانت لنا في الماضي مرجعية واحدة هي دولة الخلافة.. ولكن – وكما يقول المثل «مالا يدرك كله لا يترك جله» فالحل الوسط هو تقوية نظام الجامعة العربية وتطويره بما يلائم المرحلة التي نمر بها.. وقد حضرت منذ أسابيع قليلة مؤتمرا عقده الأمين العام للجامعة العربية على مدى يومين، وضم عددا من الشخصيات المهتمة بمنظومة العمل العربي المشترك، وجرى تداول الأفكار المتخلفة التي تم الأعراب عنها.. ومنها أعطاء صلاحيات أكبر للأمين العام للتحدث باسم المجموعة العربية، وهامش أكبر للحركة.. كذلك أعتقد أن شيئا مماثلا ينبغي أن يكون بالنسبة للأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم سبعة وخمسين دولة إسلامية، حتى يمكننا أن نقول أن هناك مرجعية للعالم الإسلامي.. وليس هذا هو التطوير الوحيد الذي ينبغي دراسته والتفكير فيه، وإنّما مجال التطوير – بغرض تأكيد المرجعية – مفتوح ويمكننا الاستفادة بتجارب الآخرين..