ثم الإستعمار الثقافي المستعين بوسائل الإعلام الحديثة العامة، يحاول الآن في خطوة رجعية بكل معنى الكلمة إحياء تجاربه القديمة في التعامل مع سكان العالم، واستخدام التقتيل والنهب والتواجد العسكري المباشر في البلدان الأخرى. وفي هذه المرحلة، يمكن حتى لوسائل الإعلام العامة بوصفها عوامل وحماة فاعلة لعملية العولمة أن تهدد أهداف هذا الإجتياح و"صناعة العالم" بالأخطار. ولعل مثال لذلك قتل المراسلين الأجانب في بغداد أثناء غزو واحتلال أميركا وبريطانيا للعراق. وفي هذا دلالة على يأس الإستكبار في مواجهته سكان العالم، لا سيما المسلمين منهم، وهو ما يحمل في طياته بشائر النصر النهائي لهم. العولمة والسياحة من زاوية العلاقة والإرتباط يتسنى تحليل العلاقة بين بناء الهيكلية العالمية والثقافة من عدة وجوه.. نظراً لريادة الإقتصاد والقضايا الإقتصادية في إيجاد تغييرات على الصعد والمجالات الأخرى كالثقافة مثلاً داخل إطار العالم المعاصر الخاضع لهيمنة الحضارة الغربية، تعد معالجة الظاهرة الثقافية من منطلقات اقتصادية فيما يتعلق بالظواهر المتصلة بكلا الصعيدين، عملية مستساغة مألوفة. ومن حيث الجذور الإقتصادية للعولمة، يمكن أن تتموضع الثقافة والنتاجات الثقافية لهذا الظاهرة في سياق التحليل الإقتصادي. وما يستشف من التحليلات الإقتصادية لموضوع العلاقة بين الثقافة والعولمة إنّما هو النظر للثقافة من زاوية كونها أداة. والواقع كما أن ظهور مدارس ضمن الدائرة الإشتراكية، مثل مدرسة فرانكفورت، وابتكار مصطلح "صناعة الثقافة" أسبغ على هذا الإنجاز البشري المهم طابع الأداة، كذلك تم النظر في أدبيات العولمة إلى الثقافة بأنها أداة. القضية هنا هي: ما الذي تستطيع أن تقدمه الثقافة من مساعدة لتمرير أهداف عملية العولمة ؟ هذا بالدرجة الأولى، وبالدرجة الثانية؛ إذا أسفرت عملية العولمة عن تبعات ثقافية سلبية، فكيف يمكن التخفيف من وطأتها بالشكل الذي لا يهدد أصل القضية تهديداً حقيقياً ؟ الحقيقة أن العولمة وبناء الهيكل العالمي هي الأصل في هذا المنحى، أما تبعاتها وآثارها الثقافية فتعد موضوعاً هامشياً على الرغم من أهميته. إلى جانب هذا المنحى، ثمة منحى آخر يمكن من خلاله تحليل العولمة وبناء الهيكلية العالمية من زاوية الثقافة والإتصالات، والتركيز على الدور المهم للإتصالات في تطوير هذه الظاهرة عند تحليلها. في هذا المنحى نركز ظاهرة "السياحة" كواحدة من أبرز صور الإتصال على مر التأريخ الإنساني وما تزال جارية متطورة إلى يومنا هذا. السياحة من جهة وسيلة اتصال