سابعاً: قضية التخلف العلمي والتقني في العالم الإسلامي المعاصر لقد افتقدت الشخصية المسلمة الكثير من فاعليتها ومنهجيتها وصوابها، وانتهت إلى صور من التدين محزنة، بعيدة عن التبصّر بحركة التاريخ وسنة التداول الحضاري، تفتقر لأبسط مستلزمات عمارة الأرض، تحاول تعويض مركب النقص أمام التحدي الحضاري العالمي بالاحتماء بالتاريخ والتراث، والافتخار بانجاز السلف في العلوم والفنون. ولن نتكلم عن الأسباب الكثيرة التي سببت تخلف العالم الإسلامي العلمي والتقني، ولكن السؤال المطروح: هل يستطيع المسلمون اليوم وهم في بدايات القرن الحادي والعشرين ـ ان يقدموا إسهامات تنقذ حضارة الأزمة أو تعالج أزمة الحضارة؟ إن هجرة الكفاءات من بلاد المسلمين تكلّف مئات الملايين من الدولارات سنوياً من رأسمالها، عدا الخسارة الدائمة من عائد هذا الاستثمار، والتخلف الذي يورثه على مختلف الأصعدة. وكما تشير الإحصاءات فإن 50% من الأطباء المهاجرين إلى الغرب و23% من المهندسين 20% من الفيزائيين هم من عالمنا الإسلامي، وغيرهم كثير في مختلف التخصصات. ولسنا بصدد الكلام عن عوامل الطرد هنا، والجذب هناك، وإنّما لنعطي مؤشراً ولو بسيطاً على أن التقدم العلمي هناك يمتص الخبرات والعقول كلها ليبقى العالم الإسلامي متخلفاً. ولنا أن نتصور عندما يتحول المخزون العقلي لأمة من الأمم إلى ميادين الإنتاج في أمة أخرى، فالعقل المتفوق والساعد والمال والمواد الأولية للعالم الإسلامي تصب في الحضارة الغربية، فكيف يمكن النهوض والتقدم، والحالة هذه؟ وفوق ذا وذلك، فإن باب الإبداع والإنتاج موصود تقريباً أمام النخبة في العالم الإسلامي. وهناك آلاف القصص عن العلماء الذين بلغوا أوجاً في التحصيل العلمي، لكنهم لم يستطيعوا الاستمرار في أوطانهم، لهذا السبب أو ذلك، وقس على ذلك المهندسين والتقنيين والموهوبين، فهؤلاء غالباً ما يتحولون إلى موظفين جالسين وراء المكاتب يوقعون الأوراق، أو يلقون المحاضرات النظرية. يضاف إلى ذلك ان هامش الحرية في العالم الإسلامي ليس من السعة بحيث يستوعب المستوى العقلي، والإبداعي، على الرغم من أن العقل العلمي ليس سياسياً دائماً بالضرورة. فالعقل العلمي مشغول بإبداعه واختراعه، ولا يتطلب أكثر من مناخ مقبول من حرية الفكر، والحوار، والمناقشة، وتبادل الرأي للقيام بالتجارب والدراسة، وهذا مع الأسف، مفقود في كثير من بلدان