الذي خيم على العالم الإسلامي حيال المشروع الذي نُفّذ في العراق، يدل للأسف على صحة تقييمات الفريق الثاني، وبهذا لا سبيل إلى انكار تأثيرات العولمة على الهوية الإسلامية. 2ـ التحدي على مستوى المضمون تتغلغل الافكار الغربية داخل حيز الفكر السياسي الإسلامي مدعومةً برصيد ضخم من التنظير والاعلام وحتى السلطة. وهذا يؤدي إلى التشكيك في الاسس العملية للسياسة الإسلامية وفي كفاءة الدين إلى الحد الذي حكم فيه مفكرون مسلمون بوصول الايديولوجيا الإسلامية إلى طريق مسدود على صعيد مشاركتها العملية في الساحة السياسية، واعتبروا الأقطار الإسلامية بحاجة إلى النماذج العلمانية السائدة في ادائها السياسي. ينتهي “عبد الله العروي في (الإسلام والحداثة) إلى ان الفكر الإسلامي في العصر الراهن فكر مأزوم، لذلك لا يصح توقع فتح فكري من الإسلام. ويرى ان ثمة اسلاماً جديداً انطلق في اواسط القرن التاسع عشر، قد يحمل صبغة حداثية ولكن لا يمكن ان نتوقع منه ان يكون ولوداً على المستوى النظري والعملي. “الإسلام الحديث انعكاس لأزمة تاريخية يمر بها المجتمع العربي، ازمة لا يمتلك لها حلاً على الاطلاق1 . بهذا المنظور، مع ان العولمة تعترف بظاهر الإسلام وبالعالم الإسلامي كلاعب على الساحة توليه اهمية ملحوظة، الاّ انها افرغته عملياً من مضمونه ومحتواه التقليدي، وحولته إلى “ترف فكري يعجز رغم كل رونقه، عن لعب أي دور في أي حقل من الحقول المهمة. وعلى حد تعبير العروي: “ليس للإسلام الحديث ابداعه من حيث المنهج. والاسلام الحديث حتى في مواطن تمكنه وكفاءته العالية لا يتحفنا اطلاقاً بالجوانب الحديثة للمجتمع كالتعليم والاقتصاد. ويسمح للتقنية ان تنمو وتتطور بكل حرية تحت طائلة انه ليس عدوها، هذا من دون ان يلتفت ان ما في طبيعة التقنية اجنبي عنه تماماً2 . على هذا النحو، يمكن التنبؤ بأن العالم الإسلامي غدا موضوعاً للعولمة، وباستحالة مضمونة استقطب من قبل المجتمع العالمي حسب القراءة الغربية، ولم يبق منه سوى اسمه وعنوانه. ان تحدي المضمون علامة ازمة جذرية واسعة تطلقها العولمة ضد البلدان الإسلامية، وهذا يحفز على ظهور حركات ارثوذكسية في الساحة الدينية لمواجهة تيار العولمة. وهذا هو البعد الذي لاحظه (بسام طيبي) من المسألة حينما قال ان تصاعد ظاهرة العولمة (بمعنى فعل العولمة) يجر إلى زيادة الانتفاضات الإسلامية، فالاصوليون الاسلاميون سيثورون لحفظ بيضة الإسلام المهددة