بحسب تحليل بوركهارت، استطاع العالم المسلم في أحسن الاحوال ان ينال مرتبة مناسبة على صعيد “الانتشار في البلد، بينما ظلت مرتبته على الصعد الاخرى متدنّية ضعيفة. وبهذا يتسنى القول ان العالم الإسلامي لم يحرز موقعاً جيداً حتى على مستوى الاستهلاك والتأثر. يؤدي هذا الوضع، طبقاً لدراسات “سوركي (Astri Suhrke) و“جفري كمب (Geoffrey Kemp) و“ريتشارد بيزل (Richard Bissell) و“ثيودور موران (Theodore Moran)، يؤدي إلى ازمات “هجرة و“تمرد الرأي العام تصاب بها البلدان الضعيفة. والمراد بهاتين الازمتين، هجرة رجال الفكر والرساميل من العالم الإسلامي المنافس (الليبرالي الديمقراطي) وبالتالي تغير رؤاهم وايديولوجياهم بصورة تدريجية فيما يشبه التداعي الثقافي الذي يضعف فيه الالتزام العملي للنخبة بالتعاليم والمبادىء المشتركة في العالم الإسلامي. اضف إلى ذلك ان الهيمنة الاعلامية للقوى العظمى تخولها صياغة الرأي العام في البلدان الإسلامية. ومن هنا فإن خلق حقائق مجازية في اذهان المواطنين قد يؤدي إلى تمردهم على حكوماتهم، وبالتالي زعزعة شرعية هذه الحكومات من دون الحاجة إلى تدخل عسكري مباشر. والخلاصة هي ان بنية غير متوازنة تسود شبكة الاتصالات العالمية، تضع العالم الإسلامي في قبال مخاطر جسيمة تنطلق من وسائل الاعلام الاجنبية. هذه الوسائل ـ ولا سيما الانترنت ـ بمستطاعها نسف اركان الشرعية في الحكومات الإسلامية من الداخل، وتحدي مرتكزاتها الثقافية والسياسية والاقتصادية، وخلق صورة سلبية لها في اذهان مواطنيها وعموم الناس في كل العالم. النتيجة التي تتمخض عنها هذه السياسة برفعها شعارات “تنمية الاتصالات و“الاعلام و“حق