[ 458 ] خصيما وبجبرائيل ظهيرا، وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين، وبئس للظالمين بدلا، وأيكم شر مكانا وأضعف جندا، ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك، إني لاستصغر قدرك، وأستعظم تقريعك، وأستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى والصدور حرى، ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الايدي تنطف من دمائنا، والافواه تتجلب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل وتعفرها أمهات الفراعل، ولئن اتخذتنا مغنما لتسدنا وشيكا مغرما، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك (وما ربك بظلام للعبيد) (1) فإلى الله المشتكى وعليه المعول، فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا تدحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي: ألا لعنة الله على الظالمين، فالحمد لله رب العالمين الذي ختم لاولنا بالسعادة والمغفرة، ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يكمل لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة إنه رحيم ودود وحسبنا الله ونعم الوكيل. فقال يزيد: [ يا صيحة تحمد من صوائح * ما أهون الموت على النوائح ] قال المؤلف النقدي (أعلا الله مقامه): إن بلاغة زينب وشجاعتها الادبية ليست من الامور الخفية، وقد اعترف بها كل من كتب في وقعة كربلاء، ونوه بجلالتها أكثر أرباب التاريخ، ولعمري إن من كان أبوها علي بن أبي طالب (ع) الذي ملات خطبه العالم وتصدى لجمعها وتدوينها أكابر العلماء، وأمها فاطمة الزهراء صاحبة خطبة (فدك الكبرى) وصاحبة (الخطبة الصغرى) التي ألقتها على مسامع نساء قريش، ونقلتها النساء لرجالهن، نعم إن من كانت كذلك ________________________________________ (1) سورة فصلت، الآية: 46. (*) ________________________________________