[ 419 ] قال: فدخل جعفر على الخليفة وكان بسر من رأى، فاستدعى عليهم، فلما حضروا قال الخليفة: احملوا هذا المال إلى جعفر فقالوا: أصلح الله أمير المؤمنين، إنا قوم مستأجرون ووكلاء لارباب هذه الاموال، وهي وديعة لجماعة عندنا وأمرونا ألا نسلمها إلا بعلامة ودلالة، وقد جرت هذه العادة مع أبي محمد (ع) فقال الخليفة: ما الدلالة لابي محمد (ع) ؟ قال القوم كان يصف لنا الدنانير وأصحابها والاموال وكم هي، فإذا فعل ذلك سلمنا إليه المال، وقد وفدنا عليه مرارا فكانت هذه علامتنا معه (ع) ودلالتنا، وقد مات فإن يكن هذا الرجل صاحب هذا الامر، فليقم لنا ما كان يقيم لنا أخوه وإلا رددناها على أصحابها. فقال جعفر: يا أمير إن هؤلاء القوم يكذبون على أخي، وهذا علم الغيب. فقال الخليفة: القوم رسل وما على الرسول إلا البلاغ المبين، قال: فبهت جعفر ولم يحر جوابا فقال القوم: يقول أمير المؤمنين بإخراج أمره إلى من يدبرنا حتى نخرج من هذه البلدة، قال: فأمر لهم بنقيب فأخرجهم منها. فلما أن خرجوا من البلد خرج لهم غلام أحسن الناس وجها كأنه خادم، فنادى يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان أجيبوا داعي الله أجيبوا مولاكم، فقالوا: أنت مولانا ؟ فقال: معاذ الله، أنا عبد مولاكم فسيروا إليه قالوا: فسرنا معه حتى دخلنا دار مولانا الحسن بن علي (ع) وإذا ولده القائم (ع) سيدنا قاعد على سرير كأنه فلقة قمر عليه ثياب خضر، فسلمنا عليه فرد علينا السلام فقال: جملة المال كذاوكذا دينارا، حمل فلان كذا، ولم يزل يصف حتى وصف الجميع، ثم وصف ثيابنا ورحالنا وما كان معنا من الدواب، فخررنا سجدا لله عز وجل شكرا، وقبلنا الارض بين يديه، ثم سألنا عما أردنا فأجابنا، وحملنا إليه الاموال وأمرنا القائم (ع) أن لا نحمل إلى سر من رأى بعد هذا شيئا من المال، وانه ينصب إلينا في بغداد رجلا نحمل إليه الاموال، ويخرج من عنده التوقيعات، قال: فانصرفنا من عنده، ودفع إلى أبي العباس جعفر بن محمد الحميري شيئا من الحنوط والكفن، وقال: عظم الله أجرك في نفسك. ________________________________________