[ 378 ] والفلكية حيث له جوار قصره مرصد يرصد فيه النجوم. وهو بطل حروب " ورجل دولة " عالمى. لا يعرف التاريخ، من عهد اليونان والرومان حتى الآن. ملكا بلغ مبالغه في كل أولئك مجتمعا. وهو يقف في القمة من الدولة العباسية. فمن بعده بدأ الانحدار. وكانت الأعوام السبعون التى انصرفت من عمرها وانحرفت في إبانها تشير إلى الحاجة إلى عقل عبقري فيه إنصاف، ليحدث عودا على بدء. فأعلن تشيعه. بل عهد من بعده لإمام الشيعة في عصره. بل زوجه وابنه من بنتين له (1). ولقد كان حقيقا أن يبلغ غرضه لولا أن الإمام " عليا الرضا " مات فجاة. كمثل ما كان السياسيون في العهد العباسي يموتون فجأة ! ولولا أن المأمون رأى أن يأمن في سربه انتقاضات أهله. بعد إذ حاربوه بجيوشهم لمدة عامين. من جراء تشيعه، لكان قد ولى عهده، بعد على الرضا زوج بنته الأخرى، الإمام التاسع محمدا الجواد. وكانت خلافة المأمون تمثل حكما يحاول أن يستقر على " أساس دينى ". وهذا ظاهر في عهده لعلى الرضا. وعلى " أساس علمي " وهذا ظاهر في عمله لإلزام الناس برأى المعتزلة. وعلى " سند سياسي ". ليقدر على مقاومة تيارات تتناوشه من شتى الجهات. سياسية كالوافدة من الفرس والروم. أو عائلية كنزاعات أهله. أو فكرية كالقضايا التى آلت إلى. المسلمين من مواريث اليهودية والمسيحية. يحمل ألوية الجدال فيها المعتزلة.. والمأمون من كبرائهم. ولما فقد الذين جاءوا بعده قدرتهم على التوازن بين الزوابع. كهيئة توازنه. آلت الدولة إلى الترك. وتتابع تقسيمها أقاليم ودولا. ولم يعد للدين في الدول الجديدة الكلمة العليا. بل أصبحت للمعايش والأرزاق ________________________________________ (1) وفي سنة 211 أمر المأمون فنودى (برئت الذمة ممن ذكر معاوية بخير وفضله على أحد من الصحابة). كما أمر بتفضيل الإمام على. وأنه أفضل الناس بعد رسول الله. وأوصى أخاد المعتصم بقوله (وهؤلاء بنو عمك من ولد أمير المؤمنين على. فأحسن صحبتهم. وتجاوز عن مسيئهم. واقبل من محسنهم. وصلاتهم فلا تغفلها في كل سنة عند محلها. فإن حقوقهم تجب من وجوه شتى). (*) ________________________________________