[ 377 ] أما عمر فنما في أكناف بيت طالما حاول طمس فضائل على. فلما شب عن الطوق أصبح يعلن للناس إسرار أبيه له أن الناس لو عرفوا فضائل على لا نصرفوا إليه عن دولتهم، حتى إذا ولى إمرة المدينة أبطل سب على على المنابر. وكان عمر يرزح تحت الرقابة الشديدة من الخليفة الوليد، والسباق المجنون من الحجاج لظلم بنى على، مع استرضاء بنى مروان للحجاج، حتى ليعزل الوليد عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه، لإرضاء الحجاج ابن يوسف الثققى ! ! فلما ولى عمر الخلافة أقسم أن يتخذها طريقا إلى الجنة. فرد لأهل البيت مظالمهم وأعاد لهم " فدكا ". وبعث إليهم عشرة آلاف دينار ليعوضهم عما سلبهم سابقوه. وكانت الشهور الثلاثون - مدة خلافته - تلقى على كاهل رجل هزل الورع جسده، أعباء الدين والدنيا، يدرك أن أيامه معدودات، ويتهمه أهله بأنه يوشك أن يخرج الخلافة منهم إلى بنى على (1) بل أعلن عمر أنه لو استطاع لعهد بالخلافة لمن كان مثله، فقال: " لو كان لى من الأمر شئ لا ستخلفت أعيمش بنى تيم القاسم بن محمد بن أبى بكر ". وهو العليم أن محمدا ترعرع في حجر " على " قبل أن يستخلف. وأنه حارب معه معاوية. فلما ولاه مصر، باء بدمه قواد معاوية فهو عدو بنى أمية من كل وجه. وأن " القاسم " همزة الوصل بين الصديق وبين " أهل البيت " بنته أم فروة تحت جناح الباقر، وابنهما " جعفر الصادق " في عنفوان صباه، أمل تتجه الأبصار تلقاءه. وأما " المأمون " فعبقري العلم، سواء العلم الدينى من أصول وفقه ودين وحديث، أو العلم العام، وفيه التاريخ والفلسفة والعلوم التطبيقية والرياضية. ________________________________________ (1) أتى " العمرى " مالكا فقال له: يا أبا عبد الله. بايعني أهل الحرمين. وأنت ترى سيرة أبى جعفر فما ترى ؟ فقال له مالك: أتدرى ما الذى منع عمر بن عبد العزيز أن يولى رجلا صالحا ؟ قال لا أدرى. قال مالك لكنى أنا أدرى: إنما كانت البيعة ليزيد (بن عبد الملك) بعده، فخاف عمر إن ولى رجلا صالحا أن لا يكون ليزيد بد من القيام، فتقوم هجمة ويفسد مالا يصلح.. (*) ________________________________________