[ 458 ] واعلم أن الله لو أراد أن يسوي بين بني هاشم وبين الناس لما اختصهم (1) بسهم ذوي القربى، ولما قال (وأنذر عشيرتك الأقربين) (2)، وقال - تعالى -: (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون) (3). فإذا (4) كان لقومه [ في ذلك ] ما ليس لغيرهم، فكل من كان أقرب منه صلى الله عليه واله وسلم (5) كان أرفع قدرا (6). ولو سواهم الله (7) بالناس لما حرم عليهم الصدقة، وما هذا التحريم إلا ________________________________________ والعرب، والكوفي، والبصري، والعدناني والقحطاني، فهذه الأبواب الثلاثة أنقض للعقول السليمة. وأفسد للاخلاق الحسنة من المنازعة في القدر والتشبيه، وفي الوعد والوعيد، وفي الأسماء والأحكام، وفي الآثار وتصحيح الأخبار. وأنقض من هذه للعقول تمييز الرجال وترتيب الطبقات، وذكر تقديم علي وأبي بكر. فأولى الأشياء بك القصد وترك الهوى، فان اليهود نازعت النصارى في المسيح، فلج بهما القول حتى قالت اليهود: انه ابن يوسف النجار، وانه لغير رشدة، وانه صاحب نيرنج (النيرنج، فارسي معرب: مكر، حيلة) وخدع ومخاريق وناصب شرك، وصياد سمك وصاحب شص وشبك، فما يبلغ من عقل صياد، وربيب نجار. وزعمت النصارى انه رب العالمين وخالق السموات والأرضين وإله الأولين والاخرين. فلو وجدت اليهود أسوء من ذلك القول لقالته فيه، ولو وجدت النصارى أرفع من ذلك القول لقالته فيه وعلى هذا قال على عليه السلام: يهلك في رجلان: محب مفرط ومبغض مفرط. والرأي أن لا يدعوك حب الصحابة الى بخس عترة الرسول صلى الله عليه واله وسلم حقوقهم وحظوظهم، فان عمر لما كتبوا الدواوين وقدموا ذكره أنكر ذلك وقال: إبدؤا بطرفي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وضعوا آل الخطاب حيث وضعهم الله قالوا: فأنت أمير المؤمنين، فأبى إلا تقديم بنى هاشم وتأخر نفسه، فلم ينكر عليه منكر، وصوبوا رأيه وعدوا ذلك من مناقبه. (1) في كشف الغمة: " أبانهم " بدل " اختصهم ". (2) الشعراء 214. (3) الزخرف / 44. (4) في كشف الغمة: " وإذا ". (5) لا يوجد في كشف الغمة: " منه صلى الله عليه واله وسلم ". (6) لا يوجد في كشف الغمة: " قدرا ". (7) لا يوجد في كشف الغمة: " الله " (*) ________________________________________