[ 346 ] نقل فؤادك حيث شئت من الهوى * ما الحب إلا للحبيب الاول وقال آخر: لقد لامنى عند القبور على البكا * رفيقي لتذراف الدموع السوافك (1) فقال: أتبكى كل قبر رأيته ؟ * لقبر ثوى بين اللوى فالدكادك (2) فقلت له: إن الاسى يبعث الاسى * فدعني فهذا كله قبر مالك وقوله: " وابيضت عيناه من الحزن " أي من كثرة البكاء. " فهو كظيم " أي مكظم (3) من كثرة حزنه وأسفه وشوقه إلى يوسف. فلما رأى بنوه ما يقاسيه من الوجد وألم الفراق " قالوا " له على وجه الرحمة له والرأفة به والحرص عليه " تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين ". يقولون: لا تزال تتذكره (4) حتى ينحل جسدك وتضعف قوتك، فلو رفقت بنفسك كان أولى بك. " قال إنما أشكو بثى وحزني إلى الله وأعلم من الله مالا تعلمون " يقول لبنيه: لست أشكو إليكم ولا إلى أحد من الناس ما أنا فيه، إنما أشكوه إلى الله عز وجل، وأعلم أن الله سيجعل لى مما أنا فيه فرجا ومخرجا، وأعلم أن رؤيا يوسف لابد أن تقع، ولابد أن أسجد له أنا وأنتم حسب ما رأى. ولهذا قال: " وأعلم من الله مالا تعلمون " ________________________________________ (1) السوافك: المذروفة المنصبة. (2) اللوى: ما التوى من الرمل. والدكادك: ما استوى منه وتلبد. (3) ا: مكمد. (4) ا: تذكره. (*) ________________________________________