[ 340 ] ولكن قد فات هؤلاء: أن كل ما تقدم يكذب هذا الذي ذكروه هنا. أضف إلى ذلك: أن عمر اسماء كان حين البعثة أربع سنين على أبعد التقادير. أما عمر عائشة فنحن نقول: إنها أيضا كان عمرها قريبا من هذا (1). ولكن نفس اولئك يقولون: إنها قد ولدت بعد البعثة بخمس سنين (2)، فكيف تكونان قد اسلمتا بعد ثمانية عشر انسانا ؟ مع أن الفترة السرية أو فقل الدعوة الاختيارية، وعدم الاعلان، قد انتهت باسلام اربعين ؟ ! وأما جلساؤه وأهل بيته فقد تكلمنا عنهم، ولم يبق الا ولده محمد، وهو إنما ولد بعد مبعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بثلاث وعشرين سنة، أي قبل وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) بقليل. سر التأكيد على دور أبي بكر: وأما سر التأكيد على دور أبي بكر فقد أوضحه لنا الجاحظ، حين قال: (ولذلك قالوا: إن من اسلم بدعاء أبي بكر اكثر ممن اسلموا بالسيف. ولم يذهبوا في ذلك إلى العدد، بل عنوا الكثرة في القدر، لانه اسلم على يديه خمسة من أهل الشورى، كلهم يصلح للخلافة، وهم اكفاء علي (عليه السلام) ومنازعوه في الرياسة والامامة، فهؤلاء اكثر من جميع الناس (3)). نعم يا جاحظ: لقد تجاوز أبو بكر كل التوقعات، حتى لقد بز النبي نفسه، ولم يستطع وهو الرسول الاعظم أن يجاريه في تلك الفضائل ________________________________________ (1) وعد المقدسي عائشة مع الذين أسلموا في السنوات الاولى من البعثة في الفترة السرية قبل أن يدخل (ص) دار الارقم وقال: انها كانت صغيرة فراجع البدء والتاريخ ج 4 ص 146. (2) سيأتي بعض الكلام في ذلك، في فصل: حتى بيعة العقبة. (3) العثمانية للجاحظ ص 31 / 32 وشرح النهج ج 13 ص 270 / 271. (*) ________________________________________