[ 435 ] وثمة نص آخر يقول: إنه (ص) أراد أن يبعث رجلا من أصحابه يعبر الخندق فيعلم ما خبر القوم، فأتى رجلا فطلب منه ذلك فاعتل، فتركه. وأتى آخر، فاعتل أيضا فتركه، وحذيفة، يسمع، ولكنه صامت لا يتكلم، فأتاه (ص) وهو لا يدري من هو، فسأله إن كان قد سمع ما جرى، فأجاب بالايجاب، ثم اعتذر عن عدم مبادرته لاجابة طلبه (ص) بالجوع والضر. ثم أمره (ص) بالذهاب إلخ (1). ونقول: إننا لا نستطيع أن نؤكد صحة قضية حذيفة بمالها من خصوصيات وتفاصيل مذكورة آنفا، وإن كنا لا نمنع من أن يكون النبي (ص) قد أرسله لكشف خبر الأحزاب، فعاد إايه فأخبره بأنهم بدأوا بالرحيل.. وكشنا فيما عدا ذلك من تفاصيل وأحداث مزعومة، يستند إلى عدة أمور، نذكر منها. أولا: إننا نجد حذيفة يذكر أنه رأى أبا سفيان في ضوء النار الموقدة، وهو يستدفئ بها مع أصحابه، وأراد أن يرميه بسهم، لولا أنه ذكر وصية النبي (ص) له. وقد رآه رجلا ضخما أدهما.. فكان من الوضوح له أنه استطاع أن يميز لونه، ويعرف أنه أدهم. ولكنه يأتي ويجلس بين نفس تلك العصبة التي حول أبي سفيان. ولا يستطيع أن يراه أحد من تلك العصبة، ولا أحس به. رغم وجود النار والنور. ورغم احساس أبي سفيان بأن رجلا غريبا دخل بينهم. وإذا كانت الظلمة شديدة إلى هذا الحد، فكيف استطاع حذيفة ________________________________________ (1) دلائل النبوة للبيهقي ج 3 ص 406 و 407. (*) ________________________________________