[ 27 ] بحكم بيئتهم وحياتهم في الصحراء، بلا حواجز وموانع طبيعية أو غيرها. ومواجهتهم الخطر المستمر من الحيوان، ومن بني الانسان على حد سواء، يشعر كل فرد منهم: أنه مسؤول عن حماية نفسه، والدفاع عنها بنفسه، ولا يرد عنه إلا يده وسيفه، ما دام أنه في كل حين عرضة للغزو، والنهب، والسلب، وأخذ الثارات منه. هذا بالاضافة إلى أنه لا يأكل في كثير من الاحيان إلا من سيفه ويده، والا فإنه هو نفسه يكون عرضة لان يؤكل، فمن لم يكن شجاعا فاتكا أكل، أو على الاقل لم يستطيع أن ياكل، فكأنهم يتعاملون بمنطق، إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب، وبعد فهل يمدح الذئب على فتكه بفريسته، وتمزيقه لها ؟ ! إلا إذا كان هذا الفتك من منطلق الدفاع عن المثل أو القيم، أو عن الضعيف الذي يحتاج إلى الناصر، أو ما إلى ذلك. 4 - النجدة والاقدام: ولا يختلف الكلام في ذلك عن الكلام في الشجاعة، إلا أننا نشير هنا إلى أن ذلك يرجع لاطمئنانه إلى أنه غير مسؤول عما يعمل، بل هو منصور من قبل قبيلته على كل حال، ظالما كان أو مظلوما. يضاف إلى ذلك: أن حياة البادية والغزو المفاجئ، وعمليات الاغتيال ثأرا، وغير ذلك من أخطار كانت تتهددهم باستمرار، كل ذلك يستدعي سرعة الاقدام، ومباشرة العمل فورا، فإذا أضيف إلى ذلك شعورهم بعدم المسؤولية عن كل ما يحصل، فإن الاقدام بلا ترو ولا تريث، لابد أن يصبح هو الصفة المميزة لهم، والطاغية على تصرفاتهم. ولابد ان نشير هنا: إلى أن قدرتهم على الانتقام فورا من شأنها أن تجعل فيهم حساسية متناهية، ولذا قل أن تجد فيهم حليما، إلا من بعض المسنين، أو أصحاب الهمم العالية، أو الجبناء، الذين يتخذون الحلم وسيلة لتغطية إنهزاميتهم. ________________________________________