[ 6 ] براعتهم وتفوقهم في ترصيف الكلمات البراقة، وصياغة الجمل والعبارات الرنانة في تأييده وتأكيده. من دون أي تحقيق له، أو تدقيق فيه، صحة وفسادا، حتى ليخيل إليك: أن تلك النصوص جزء من الوحي الالهي، الذي لا يتطرق إليه الشك، ولا يرقى إليه الريب، مهما كانت متناقضة ومتنافرة ؟ إذ لابد من الجمع بينها، وتمحل الوجوه لها، ولو كانت مما يأباه كل عقل، ولا يقره وجدان، ولا يرضاه ضمير، حتى إذا لم يمكن ذلك فلابد من السكوت عنها، والاعتراف بالعجز عن فهم حقيقة الحال فيها، وذلك هو أضعف الايمان. 2 - لقد انصب اهتمامي في هذا الكتاب على الناحية التحقيقية حول صحة، وعدم صحة الكثير مما يدعى أنه سيرة نبوية، أو تاريخ إسلامي. ولكن بالمقدار الذي يتناسب مع كتاب كهذا، يريد أن يعطي صورة متقاربة الملامح، قدر الامكان عن فترة زمنية ثرية بالاحداث والمواقف الحساسة، وقد كانت ولا تزال محط النظر - بشكل رئيسي - لاهل المطامح والاهواء السياسية، والمذهبية، وغيرها. بل هي أخطر وأهم مرحلة تاريخية على الاطلاق، لانها غيرت جذريا، وليس فقط أصلحت كل الاسس والمنطلقات الخاطئة لكل قضايا وشؤون الانسان والانسانية جمعاء. وقد كانت المهمة في الحقيقة شاقة وصعبة للغاية. ولكنني رضيت بتحمل ذلك، لانني أدركت مدى حاجة المكتبة الاسلامية إلى جهد كهذا، مهما كان ناقصا ومحدودا، ليكون النواة والخطوة الاولى على طريق اعتماد المنهج التحقيقي العلمي في التعرف على قضايا التراث، بصورة شمولية، ومستوعبة. 3 - وقد يلاحظ القارئ لهذا الكتاب بعض الفجوات فيه، أو مدا وجزرا في الشمولية والاستقصاء. ________________________________________