[ 24 ] بمحضره، فأعطاه ذلك. ثم إن عبد الملك بعث حبيش بن دلجة القيسي إلى المدينة، في سبعة آلاف رجل، فدخل المدينة، وجلس على المنبر الشريف، فدعا بخبز ولحم، فأكل على المنبر، ثم أتي بماء فتوضأ على المنبر. قال أبو معشر: فحدثني رجل من أهل المدينة يقال له أبو سلمة، قال: شهدت حبيش بن دلجة يومئذ، وقد أرسل إلى جابر بن عبد الله الانصاري، فدعاه فقال: تبايع لعبد الملك أمير المؤمنين بالخلافة، عليك بذلك عهد الله وميثاقه وأعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه بالوفاء، فإن خالفت فأهرق الله دمك على الضلالة. فقال له جابر بن عبد الله: إنك أطوق لذلك مني، ولكني أبايعه على ما بايعت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، على السمع والطاعة. قال: ثم أرسل إلى عبد الله بن عمر، فقال له: تبايع لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين على السمع والطاعة ؟ فقال ابن عمر: إذا اجتمع الناس عليه بايعت له إن شاء الله. ثم خرج ابن دلجة من يومه ذلك نحو الربذة (1)، وقام في أثره رجلان: أحدهما على أثر الآخر، مع كل واحد منهما جيش، وكل واحد منهما يصعد المنبر ويخطب، ثم خرجوا جميعا إلى الربذة، وذلك في رمضان، سنة خمس وستين، فاجتمعوا بها، وأميرهم ابن دلجة. وكتب ابن الزبير إلى عباس بن سهل الساعدي بالمدينة: أن سر إلى حبيش ابن دلجة وأصحابه في ناس، فسار حتى لقيهم بالربذة في شهر رمضان، وبعث الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة من البصرة (2)، مددا إلى عباس بن سهل حنيف بن السجف في تسع مئة رجل، فساروا حتى انتهوا إلى الربذة، فبات أهل البصرة وأهل المدينة يقرأون القرآن، ويصلون ليلتهم حتى أصبحوا، وبات الآخرون في المعازف والخمور، فلما أصبحوا قال لهم حبيش بن دلجة: أهريقوا ماءكم حتى تشربوا من سويقكم المعتد (3) فأهرقوا الماء، وغدوا إلى القتال، فقتل حبيش، ومن معه من أهل الشام، وتحصن من أهل الشام خمس مئة رجل على عمود الربذة، وهو الجبل الذي عليها. قال: وكان يوسف أبو الحجاج مع ________________________________________ (1) الربذة: بفتح الراء والباء والذال، موضع قرب المدينة. (2) وكان واليا على البصرة لابن الزبير. (3) في الطبري: من مقندهم يعني السويق الذي فيه القند. (*) ________________________________________