[ 87 ] الشيطان لكان عاقلا ولا موصوفا وإنما يقوله ذلك تقليدا أو اضطرارا وذلك مثل ما حكى الله سبحانه عن الكفار بقوله * (ولئن سئلتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله) * فان هذا قولهم بأفواههم ولم تؤمن به قلوبهم إذ لو علموا ذلك لم يكونوا كفارا وإنما قالوا ذلك تقليدا وسماعا من الناس على الرسم والعادة لا تحقيقا وعرفانا فلذلك لا ينفعهم في الدنيا والآخرة. وفيه نظر لأنا لا نسلم أن علمه بأن ذلك من عمل الشيطان يستلزم أن يكون عاقلا لما عرفت، ولا نسلم به أن علم الكفار بأن الله تعالى خلق السموات والأرض يسلتزم عدم كفرهم لجواز أن يكون كفرهم مع علمهم بذلك لأجل أمر آخر كاعتقادهم باستحقاق الأصنام للعبادة ونحوه فليتأمل. * الأصل: 11 - " عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل، ولا بعث الله نبيا ولا رسولا حتى يستكمل العقل ويكون عقله أفضل من جميع عقول امته وما يضمر النبي (صلى الله عليه وآله) نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين، وما أدى العبد فرائض الله حتى عقل عنه ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل، والعقلاء هم أولو الألباب، الذين قال الله تعالى: * (وما يتذكر إلا أولو الألباب) * ". * الشرح: (عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل) كما قال بالفارسية: " الهى آنرا كه عقل دادي چه ندادي وآنرا كه عقل ندادي چه دادى ؟ " والمقصود أن العقل أفضل من جميع ما قسمه الله تعالى للعباد وهذا المعنى يفهم من هذه العبارة بحسب العرف فإن المقصود من قولنا ليس في البلد أفضل من زيد هو أن زيدا أفضل من غيره وسر ذلك أن العقل مناط لجميع الفيوضات الدنيوية والاخروية وليس شئ من الأغيار بهذه المثابة، والجهل بحكم المقابلة أخس من جميع الأشياء فيظهر وجه التفريع في قوله (فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل) يعني للعبادة وذلك لأن حقيقة السهر وإن كان أفضل من حقيقة النوم إلا أن النوم المقارن للعقل أفضل وأشرف من السهر المقارن للجهل بحكم المقابلة للملابسة والمجاورة ففيه زيادة مبالغة على شرافة العقل وخساسة الجهل، أو لأن العاقل لا ينام إلا بطهارة ودعاء والملائكة يستغفرون له ويكتبون له الصلاة ما دام نائما، كما نطقت به الأخبار وظاهر أن استغفار الملائكة والصلاة المكتوبة له أفضل من عبادة الجاهل، أو لأن نوم العاقل قلما ينفك عن رؤيا صالحة وهي جزء من ستة وأربعين جزء من النبوة كما دلت عليه ________________________________________