[ 57 ] للآباء) والكبراء (والتأويل) في المجمل المتشابه وغيرهما بمجرد رأيه (من غير علم وبصيرة) ناشية من الكتاب والسنة، وقول أهل البيت (عليهم السلام) (فذاك في المشية إن شاء الله تبارك وتعالى أتم إيمانه) ووفقه لسلوك سبيل النجاة (وإن شاء سلبه إياه) ووكله إلى نفسه، والنفس أمارة بالسوء فتورده موارد الهلكات (ولا يؤمن عليه أن يصبح مؤمنا ويمسي كافرا أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا) مثله كمثل المسافر لا بصيرة له وقد صادفه طريقان: أحدهما يوصله إلى المطلوب والآخر يبعده عنه، فان سلك الأول فقد اهتدى وإن سلك الآخر فقد ضل، أو كمثل مسافر سلك طريقا مخوفا قد كثر فيه السباع وقطاع الطريق فإن سلم منهم فقد رشد وإلا فقد هلك (لأنه كلما رأى كبيرا من الكبراء مال معه) من غير علم بأن ذلك حق أو باطل وقد ذمهم سبحانه بقوله * (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) * وحكى عنهم بقوله * (يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا) * * (وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا) *) (وكلما رأى شيئا استحسن ظاهره قبله) لاستيناس قلبه بظواهر المحسوسات واستيحاش عقله عن بواطن المعقولات، إذ المعقولات إنما تدرك بعلوم برهانية وأنوار ربانية وهي مفقودة فيه * (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) * فلذلك أفلس قلبه عن معرفة الأشياء على ما هي عليه وعن معرفة الأحكام وأحوال الآخرة التي بها قوام الايمان وثباته (وقد قال العالم (عليه السلام): إن الله عز وجل خلق النبيين على النبوة فلا يكونون إلا أنبياء) ولا يتزايلون عن وصف النبوة أصلا (وخلق الأوصياء على الوصية فلا يكونون إلا أوصياء) ولا يتفارقون عن معنى الوصاية والخلافة أبدا (وأعار قوما إيمانا فإن شاء تممه لهم وإن شاء سلبهم إياه، قال: وفيهم جرى قوله فمستقر ومستودع) مستقر بفتح القاف أو كسرها على اختلاف القراءة جار في النبي والوصي فبالفتح اسم مفعول يعني مثبت في الايمان، أو اسم مكان يعنى له موضع استقرار وثبات فيه وبالكسر اسم فاعل يعني مستقر ثابت فيه. ومستودع بفتح الدال اسم مفعول أو اسم مكان جار في المعار، واعلم أن الايمان والكفر طريقان متقابلان ولكل منهما سالك والسالك على طبقات متفاوتة. فالطبقة الاولى للايمان من وضع القوانين الشرعية بأمر الله تعالى وهم الأنبياء الذين أيدهم الله بروح النبوة وروح القدس. والثانية أوصياؤهم الذين أيدهم الله بروح الإمامة وإذا قبض الانبياء انتقل روح القدس إلى أوصيائهم وهو لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو، وبه يعرفون ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى، ويشاهدون ما كان وما هو كائن وما يكون في الدنيا والآخرة. والثالة التابعون لهم في الأقوال والأعمال والعقائد والمسلمون لهم في جميع ما أمروا به ________________________________________