[ 56 ] غير فجر. والبثق بالفتح والكسر الاسم. (بثوق هذه الأديان الفاسدة) فاعل انبثقت شبه الأديان الفاسدة بالسيول وأثبت لها البثوق أي الشقوق جمع البثق بمعنى الشق ففيه استعارة مكنية وتخييلية وأقحم البثوق وأسند الفعل إليها مع أن إسناده إلى هذه الأديان الشبيهة بالسيول أولى، للتنبيه على أن هذه الأديان قد أحدثت في دين الحق ثلما متكثرة وخللا متفاحشة متعددة لا يمكن تدراكها وإصلاحها، وفي بعض النسخ " انبسق " بالسين المهملة ومعناه طالت عليهم فروع هذه الأديان وأغصانها من انبسق النخل إذا طالت باسقاتها وبواسقها وفيه أيضا استعارة مكنية وتخييلية وما في الأصل أحسن وأتقن (والمذاهب المستشنعة) هي اثنان وسبعون لقوله (صلى الله عليه وآله) " ستفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة الناجية منها واحدة " (التي قد استوفت شرائط الكفر والشرك كلها) لأن أصحاب هذه المذاهب مخلدون في النار كما يقتضيه الحديث المذكور وغيره ولا معنى للكفر والشرك إلا ما يوجب الخلود فيها (وذلك) المذكور يعنى أخذ الدين من كتاب الله تعالى وسنة نبيه أخذه من أفواه الرجال (بتوفيق الله عز وجل وخذلانه) التوفيق: توجيه الأسباب نحو المطلوب الخير وهو يرجع إلى نصرة الطالب وإعانته على طلبته. ولا بد من وقوع ذلك لكل من تمسك بذيل رحمته لقوله تعالى * (والذين جاهدوا فيها لنهدينهم سبلناإن الله لمع المحسنين) * والخذلان: عدم الإعانة لمن أعرض عنه. والحاصل: أنه تعالى هدى عباده أجمعين طريق الخير وطريق الشر فمن اختار طريق الخير أعانه عليه، ومن اختار طريق الشر وكله إلى نفسه فلا جبر ولا ظلم والله ليس بظلام للعبيد (فمن أراد الله توفيقه وأن يكون إيمانه ثابتا مستقرا) في لفظ الاستقرار إيماء إلى أن لفعل العبد مدخلا في ثبوت إيمانه (سبب له الأسباب التي تؤديه إلى أن يأخذ دينه من كتاب الله) وضع الظاهر موضع الضمير لزيادة التعظيم والتكريم (وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) بعلم ويقين وبصيرة) قلبية بها يسلك سبيل المعارف ويشاهد كمال الله وجماله وجلاله (فذاك أثبت في دينه من الجبال الرواسي) أي الثوابت لأن زوال الاعتقادات إنما يكون بتطرق الشبهات وتصادم التدليسات ولا سبيل لها إليه. (ومن أراد الله خذلانه وأن يكون دينه معارا مستودعا - نعوذ بالله منه - سبب له أسباب الاستحسان) أي خلا بينه وبينها ويعمل بعقله ما رآه حسنا مثل القياس وأصالة البراءة ومفهوم اللقب ومفهوم الصفة (1) إلى غير ذلك من المحسنات العقلية في أصول العقائد وفروعها (والتقليد ________________________________________ 1 - ليس هذه الأمور مما يوجب الخذلان غير القياس والتفصيل في علم اصول الفقه ولكن الشارح جارى مع معاصريه من الأخباريين. والظاهر من حاشيته على المعالم وشرحه الزبدة أنه ناهج منهج أهل الاجتهاد ويتبع الدليل في الأصول والمفاهيم غيرها. (ش) (*) ________________________________________