[ 54 ] وتعالى: * (ومن الناس من يعبد الله على حرف) *) قال القاضي أي على طرف من الدين لاثبات له فيه كالذي يكون على طرف الجيش فإن أحس بظفر قر وإلا فر (* (فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه) * قال أيضا، روي أنها نزلت في أعاريب قدموا إلى المدينة فكان أحدهم إذا صح بدنه ونتجت فرسه مهرا سريا وولدت امرأته غلاما سويا وكثر ماله وماشيته قال ما أصبت منذ دخلت في ديني هذا إلا خيرا واطمأن به وإن كان الأمر بخلافه قال: ما أصبت إلا شرا وانقلب، وعن أبي سعيد أن يهوديا أسلم فأصابته مصايب فتشأم بالإسلام فأتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال أقلني فقال: إن الإسلام لا يقال. فنزلت * (خسر الدنيا والآخرة) * أما خسران الدنيا فلابتلائه بالمصايب والفتن وذهاب الأموال والأولاد، وأما خسران الآخرة فلذهاب عصمته وحبوط عمله وفساد دينه بالارتداد (ذلك هو الخسران المبين) لفوات رأس ماله الذي هو حياته الدنيا وحياته في الآخرة ولا خسران أظهر من ذلك وإنما كان شأنه ذلك. (لأنه كان داخلا فيه) أي في الدين (بغير علم ولا يقين فلذلك صار خروجه بغير علم ولا يقين) فخرج منه كما دخل فيه (وقد قال العالم (عليه السلام)) المراد به هنا موسى بن جعفر (عليهما السلام)، وقيل: هو المراد من العالم إذا اطلق، ويقال له الكاظم وأبو الحسن على الاطلاق وأبو الحسن الأول والعبد الصالح وأبو إبراهيم، ويقال أبو الحسن الثاني للرضا (عليه السلام). وأبو الحسن الثالث للهادي (عليه السلام) وأبو عبد الله الصادق (عليه السلام). وأبو جعفر على الاطلاق وأبو جعفر الأول للباقر (عليه السلام). وأبو جعفر الثاني للجواد (عليه السلام) والماضي وأبو محمد للعسكري (عليه السلام) (من دخل في الايمان بعلم ثبت فيه ونفعه إيمانه، ومن دخل فيه بغير علم خرج منه كما دخل فيه) أي خرج منه بغير علم إما لشبهة أو لغرض من أغراض نفسانية وفيه أيماء إلى تساوي الايمان وعدمه عنده فليس استقراره فيه أولى من خروجه عنه. (وقال (عليه السلام) من أخذ دينه) أي فرائضه أو طريقه وسبيله إلى الحق وثوابه (من كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)) بفهم وبصيرة (زالت الجبال قبل أن يزول) الضمير المستكن راجع إلى " من " أو إلى " دينه " وفيه على التقديرين مبالغة في استقراره على الدين وعدم اهتزازه بصرصر الشبهات وهبوب رياح الأغراض والبليات، لحصول اعتقاده بعلم ويقين وابتنائه على أصل متين (ومن أخذ دينه من أفواه الرجال) تقليدا لهم واتباعا لآثارهم واقتفاء لأفعالهم وأطوارهم (ردته الرجال) عنه بإلقاء أدنى الشبهات وأضعف التدليسات لعدم تمسكه بمستند شديد وأصل سديد فهو كنبات يابس تكسره حوادث الزمن، وتقلبه رياح الفتن، وفيه إيماء لطيف إلى أن المقلد لا بد من أن ينقل من حال إلى حال لأن متابعته للأول ليس بأولى من متابعته للآخر، فإذا اختلفا يبقى هو مترددا في قبول قول أحدهما دون صاحبه فيرجع من الظن إلى الشك (وقال (عليه السلام) من لم يعرف ________________________________________