[ 53 ] بالامور الدينية والمعارف اليقينية داخلة تحت هذا الحكم بل هي من أعظم الشهادات فهي مشروطة بالعلم قطعا (والأمر في الشاك) الظاهر أن المراد بالشاك من ليس له رجحان وتصديق أصلا ومن كان لد رجحان مستند إلى تقليد أو إلى دليل ظني بقرينة تقييد العلم فيما سيأتي باليقين، إذ يفهم منه أن الشاك يشمل الأخيرين لقبول رجحانهما تشكيكا وشبهة (المؤدي) لفرائض الله تعالى (بغير علم وبصيرة) قلبية بتلك الفرائض (الى الله جل ذكره) أي إلى مشيته من غير أن يكون قبوله واجبا عليه كما هو الواجب في صورة العلم (إن شاء تطول عليه فقبل عمله وإن شاء رد عليه) هذا إن اتفق إصابته في العمل. إن قلت: أصحاب التقليد مع تحقق الاصابة مؤمنون من أهل الجنة، غايته أن إيمانهم دون إيمان أصحاب اليقين من أرباب المكاشفة والبراهين ودرجاتهم دون درجاتهم فكيف يصح الرد عليهم ؟ قلت: أولا كون اعتقادهم إيمانا يوجب ترتب القبول والثواب والجزاء عليه غير معلوم، وثانيا، أن الايمان التقليدي قابل للزوال بطريان أدنى شبهة خصوصا عند حضور الموت واضطراب النفس وإلقاء الشياطين شبهات متكاثرة فربما ينهدم اعتقاده بتلك الشبهات لعدم ابتنائه على أصل ثابت وأساس قائم، ولقد سمعت من أثق به أنه قال: كانت لعجوزة دعوى على أحد بمال جزيل فمرضت مرضا شديدا وحضرتها في حال الاحتضار وكررت الشهادتين عليها وهي لم تتكلم بهما، فلما بالغت في ذلك قالت: إن هذا الذي حاضر يقول لا تتكلمي بهما فانهما تمنعانك من أخذ حقوقك من فلان فماتت، وربما يظهر عنده خلاف بعض عقائده وبطلانه فيصير ذلك سببا لعدم وثوقه بساير اعتقاداته فيتردد، وربما يميل قلبه إلى حب زهرات الدنيا وشهواتها فيشتغل بها ويغفل عن امور الآخرة لعدم كونه واثقا بها ثابتا عليها فيزهق روحه وهو على تلك الحالة مسلوب الايمان نعوذ بالله من هذه المفاسد وهذا هو المراد بقوله " إن شاء تطول عليه فقبل عمله وإن شاء رد عليه " يعنى أن مشية الله تعالى في شأنه لكون متزلزلا غير ثابت غير معلومة لنا إن شاء أبقاه على ما كان عليه بفضله وإن شاء وكله إلى نفسه. وهذا بخلاف العالم الثابت المنور قلبه بنور ربه فإنه لما كان مستيقنا مشاهدا لما في عالم الملك والملكوت بعين البصيرة عارفا بالمطالب عالما بالمفاسد وبحقارة الدنيا وزينتها كان له قدرة له تامة على أن يدفع عن نفسه جميع هذه المفاسد بعون الله تبارك وتعالى، وقد نقل عن بعض المشايخ العارف الكامل: أنه قال في حال الاحتضار حضرني ذلك اللعين وألقى علي شبهات كثيرة وأنا أجبت عن كل واحدة واحدة منها ببراهين قاطعة فأفحم فعلمت أن علمي نفعني في الدنيا والآخرة، والله الموفق والمعين. وإلى ما ذكرناه أشار بقوله: (لأن الشرط عليه من الله أن يؤدي المفروض بعلم وبصيرة ويقين كيلا يكون ممن وصفه الله فقال تبارك ________________________________________