[ 33 ] عن بشير الدهان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " لا خير فيمن لا يتفقه من أصحابنا، يا بشير، إن الرجل منهم إذا لم يستغن بفقهه احتاج إليهم، فإذا احتاج إليهم أدخلوه في باب ضلالتهم وهو لا يعلم ". * الشرح: (أحمد بن إدريس) أبو علي الأشعري، ثقة، فقيه في أصحابنا، صحيح الحديث، كثير الرواية. (عن محمد بن حسان، عن إدريس بن الحسن) قال بعض المحققين: هو أبو القاسم إدريس بن الحسن بن أحمد بن زيدويه من رجال الجواد أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، وهو الذي ذكره الشيخ في كتاب الرجال في أصحابه (عليه السلام) بقوله: إدريس القمي، يكنى أبا القاسم، وأبوه الحسن بن أحمد بن زيدويه صاحب كتاب المزار، ثقة، ثبت من أعيان أصحابنا القميين. (عن أبي إسحاق الكندي، عن بشير الدهان، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا خير فيمن لا يتفقه من أصحابنا) لأن خير الدنيا عبارة عن السلوك في طريق الحق وعدم الانحراف عنه وهداية الناس إليه، وخير الآخرة عبارة عن الفوز بالسعادات الأبدية والنزول في ساحة العزة الإلهية، ولا يتصور حصول شئ منهما بدون التفقه في الدين ومعرفة الصانع وما يليق به ومعرفة الشريعة على اليقين. (يا بشير، إن الرجل منهم) أي من أصحابنا. (إذا لم يستغن بفقهه) في اصول الدين وفروعه من الاستعانة أو من الاستغناء، والثاني أظهر. (احتاج إليهم) أي إلى العامة المفتونين بالغواية المنتسبين إلى العلم والفقاهة، توجيه الشرطية أن غير الفقيه متحير في الدين محتاج إلى السؤال عنه، وأكثر الخلائق من أهل الأهواء المضلة، ولا تميز له بين المحق والمبطل، وبين الهادي والمضل، فإذا سأل فالغالب أن يسأل المضلين، وأما توجيهها بأنه قد يحتاج إليهم في شدة التقية أو عدم حضور الفقيه وتيسير الوصول إليه ففيه أنه لا مدخل لهذا التوجيه في إثباتها قطعا. (فإذا اجتاج إليهم) في معرفة الدين وتفاصيل اصوله وفروعه. (أدخلوه في باب ضلالتهم وهو لا يعلم) أنه باب ضلالة لعدم علمه تميزه بين الحق والباطل، فيخرج عن الدين من حيث لا يعلم، وقد أشار (عليه السلام) إلى مضمون هذا الخبر بقوله: " من أخذ دينه من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله عليه وآله زالت الجبال قبل أن يزول، ومن أخذ دينه من أفواه الرجال ردته الرجال "، وبقوله: " من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكب الفتن "، وبقوله: " من دخل في الإيمان بعلم ثبت فيه ونفعه إيمانه، ومن دخل فيه بغير علم خرج منه كما دخل فيه " (1)، فيجب ________________________________________ 1 - تقدم كل ذلك في شرح المقدمة في المجلد الأول. (*) ________________________________________