[ 16 ] يرى غيره، ولا يخفى عليه شئ ولا عدم تقليب الحدقة إلى جانب المرئي طلبا لرؤيته، لأن هذا السلب ثابت له تعالى بالنسبة إلى الجميع باعتبار أن التقليب المذكور من صفات الأجسام والله سبحانه منزه عنها. والوجه في عدم نظره إليه أن استحقاق العبد للكرامة يوم القيامة ليس باعتبار أنه خلق الله ولا باعتبار جسمه وحسن صورته وكثرة أمواله وأولاده وعشيرته، بل إنما هو لصفاء قلبه وإحاطته بالمعارف الإلهية واتصافه بالصور العلمية وإذعانه بالشرائع النبوية وانقياده للأحكام الشرعية، فكل من كان فيه شئ منها كان أبدا منعوتا بالحرمان موصوفا بالخذلان، ويرشد إليه أيضا ما روي من طريق العامة عنه (صلى الله عليه وآله) قال: " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن إلى قلوبكم ونياتكم وأعمالكم " (1). (ولم يزك له عملا) أي لم يقبل له عملا، لأن قبول العمل لازم لتزكيته عن شوائب النقصان وانتفاء اللازم لانتفاء الملزوم، أو لم يوفق له في تزكيته لعدم استعداده لذلك، كيف وتزكية العمل متوقفة على العلم بكماله ونقصانه وشرائطه إلى غير ذلك من الامور المعتبرة فيه والمفسدة له، والمفروض أنه جاهل بجميع ذلك ؟ * الأصل: 8 - محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبان ابن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لوددت أن أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط حتى يتفقهوا ". * الشرح: (محمد بن إسماعيل) هذا الاسم مشترك بين ثلاثة عشر رجلا، ثلاثة منهم ثقات معتمدون، وهم محمد بن إسماعيل بزيع، ومحمد بن إسماعيل بن ميمون الزعفراني، ومحمد بن إسماعيل بن أحمد البرمكي، والعشرة الباقية لم يوثق علماء الرجال أحدا منهم، ولما اتفق علماؤنا على تصحيح ما يرويه المصنف عن محمد بن إسماعيل (2)، وكان الظاهر أن روايته عنه بلا واسطة ولا حذف ظهر أن ________________________________________ 1 - أخرجه مسلم وابن ماجة في السنن، تحت رقم 4143. 2 - إثبات اتفاق العلماء على تصحيح هذا الطريق مشكل جدا، ومحمد بن إسماعيل هذا من العشرة الباقية قطعا، والظاهر أنه لا حاجة إلى تصحيح شخص محمد بن إسماعيل، لأن كتب فضل بن شاذان كانت معروفة في عهد المؤلف، لعدم تخلل زمان طويل بينهما، وكانت قرائن الصحة وعدم الدس في كتبه كثيرة ممكنة، ومحمد بن إسماعيل من مشيخة إجازتها. (ش) (*) ________________________________________