[ 15 ] الثالث: أن العمل بخبر الواحد واجب (1)، لأنه تعالى أوجب الحذر على قوم كل طائفة عند إنذارها لهم، والطائفة عدد لا يفيد قولهم العلم لأن الطائفة بعض فرقة، والفرقة تصدق على ثلاثة، فالطائفة إما واحد أو اثنان. لا يقال: المراد بالفرقة أكثر من ثلاثة بحيث يكون النافر منهم في مرتبة التواتر. لأنا نقول: حمل الفرقة على ذلك تخصيص بلا مخصص، وقد بسطنا القول فيه في اصول الفقه. * الأصل: 7 - الحسين بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن القاسم بن الربيع، عن مفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا أعرابا، فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك له عملا ". * الشرح: (الحسين بن محمد، عن جعفر بن محمد) بن مالك الكوفي. (عن القاسم بن محمد بن الربيع، عن مفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا أعرابا ") أي لا تكونوا كالأعراب جاهلين بالدين غافلين عن أحكامه، معرضين عن تعلمها. (فإن من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة) كناية عن سخطه وغضبه وعدم الاعتداد به وسلب رحمته وفيضه وإحسانه وإكرامه عنه، وحرمانه عن مقام القرب والاختصاص، فإن عدم نظرنا إلى أحد مستلزم لهذه الامور، وأمثال هذه الأفعال إذا نسبت إلى من لا يجوز فيه إرادة الحقيقة يراد بها اللوازم والغايات، فليس المراد بعدم النظر عدم الرؤية لأنه تعالى يراه كما ________________________________________ 1 - التعليم والإنذار على ثلاثة وجوه: الأول: بيان المطلب والاستدلال عليه بطريقة المدرسين والطلاب. الثاني: الافتاء بلا دليل حتى يقبل العامة تقليدا كما بين المجتهدين ومقلديهم. الثالث: الرواية بأن ينقل الحديث عن الحجة وقبله السامع، وظاهر الآية يشمل الثلاثة، فيجب على جماعة من الناس كفاية الفقه وتعليم الناس في كل شئ على ما يليق به، فيبين اصول الدين من التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد للناس بطريق برهاني واستدلال، ويجب على الناس التعلم بالدليل السهل لا تقليدا، وأما الفقه فيجب على الناس قبول قول المجتهد بغير دليل، والآية من هذه الجهة مجملة، إذ لا يعلم منه أنه يجب على الناس قبول قول المنذرين بدليل أو بغير دليل فيلتمس لذلك حجة اخرى، وأما قبول الرواية من المخبر العدل فشمول الآية الكريمة له وإن كان قريبا، ولكن دلالته على وجوب قبول الواحد ممنوعة، بل يجب تحصيل شرائطه من مواضع اخرى. (ش) (*) ________________________________________