[ 410 ] قلبك إني احذرك نفسك وكفى بي خبيرا، لا يصلح لسانان في فم واحد ولا سيفان في غمد واحد ولا قلبان في صدر واحد، وكذلك الأذهان. * الشرح: قوله (قال الله تبارك وتعالى لعيسى بن مريم (عليه السلام) يا عيسى ليكن لسانك في السر والعلانية لسانا واحدا -... إلى آخره) أمره الله تعالى بثلاثة أشياء هي أمهات جميع الخصال الفاضلة والأعمال الصالحة. الأول أن يكون لسانه في جميع الأحوال واحدا يقول الحق ويتكلم به فلا يقول في السر خلاف ما يقول في العلانية كما هو شأن الجهال، لأن ذلك خدعة ونفاق وحيلة وتفريق بين العباد وإغراء بينهم، وقد يجوز ذلك لغرض صحيح من غير مفسدة كما مر في باب من يتقى شره وغيره. الثاني أن يكون قلبه واحدا قابلا للحق وحده غير متلون بالحيل ولا متلوث بالمكر والختل فإن ذلك يميت القلب ويبعده من الحق ويورثه أمراضا مهلكة ويميله إلى الجور في الحكم. الثالث أن يكون ذهنه واحدا وهو الذكاء والفطنة، ولعل المراد به هنا الفكر في الأمور الحقة النافعة ومباديها، وبوحدته خلوصه عن الفكر في الباطل والشرور وتحصيل مباديها وكيفية الوصول إليها، وبالجملة أمره أن يكون لسانه واحدا وقلبه واحدا وذهنه واحدا ومطلبه واحدا، ولما كان سبب التعدد والاختلاف أمرين أحدهما تسويل النفس، والثاني الأمن من المؤاخذة واللوم لعدم علم أحد به قال تبارك وتعالى (إني أحذرك نفسك وكفى بي خبيرا) فحذره من تسويلات النفس وأمره بمراقبتها وأعلمه بأنه تعالى عالم السرائر وكفى به خبيرا، فيجزي كل أحد بما عمل. ________________________________________