[ 301 ] تركيب أحد من الخطباء والفصحاء، ويحتمل أن يكون العطف لتفسير الكلام ويراد به الجنس (فقال أبو الحسن (عليه السلام): إن الله لما بعث موسى (عليه السلام) كان الغالب على أهل عصره السحر) كما * (قالوا أرجه وأخاه وابعث في المداين حاشرين * يأتوك بكل سحار عليم * فجمع السحرة لميقات يوم معلوم * وقيل للناس هل أنتم مجتمعون * لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين) * (فأتاهم من عند الله لم بما يكن في وسعهم مثله وما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجة عليهم) كما قال سبحانه * (فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون * فالقي السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون) * لعلمهم بأن ما جاؤوا به من التمويهات النفسانية والتدليسات الشيطانية والصناعات الانسانية وما جاء به موسى (عليه السلام) من المعجزات الربوبية والبراهين الملكوتية والعنايات الإلهية فوقع الحق في قلوبهم وثبت الايمان في صدورهم وتقرر الايمان في نفوسهم حتى لم يبالوا بلومة اللائمين ووعيد الظالمين بالقتل والصلب وقالوا * (لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون) * وإذا وقعت الغلبة على الماهرين في جنس ما كانوا على قادرين وهم أذعنوا بها وجب على ضعفاء العقول اتباعهم على أنا نعلم قطعا أن الله سبحانه يلقي في قلوبهم عند ذلك أنه إعجاز تكميلا للحجة عليهم وليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة كما يرشد إليه قول الصادق (عليه السلام) " ما من أحد إلا وقد يرد عليه الحق حتى يصدع قلبه قبله أم تركه وذلك أن الله يقول في كتابه * (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون) * " (1). (وإن الله تعالى بعث عيسى (عليه السلام) في وقت قد ظهرت فيه الزمانات) جمع الزمانة وهي آفة في الحيوانات، ورجل زمن أي مبتلى بين الزمانة وفي المغرب الزمن الذي طال مرضه زمانا (واحتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله) أي بما عجزوا عن الاتيان بمثله فإن ما جاء به (عليه السلام) هو إزاحة الزمانات وإزالة الأمراض والآفات بمجرد القوة الروحانية وتوجه نفسه القدسية، وطلب ذلك من الله تعالى من غير فتش أسباب الأمراض واستعمال الأدوية المناسبة لها وهم قد عجزوا عن ذلك إذ غاية سعيهم هي المعالجة بمقتضى القوانين الطبية والعمل بأحكامها واستعمال الأدوية المناسبة بزعمهم بعد تفتيش الاسباب والخطأ في أمثال ذلك كثير (وبما أحيا لهم الموتى وأبرء الاكمه) وهو الذي ولد أعمى أو الممسوح العينين (والأبرص بأذن الله) البرص بياض براق أملس في الجلد واللحم معا ولموضعه غور لقلة نفوذ الغذاء فيه فيضمر ويغور، وقلة النفوذ إنما يكون لبرد العضو وتكاثفه وانسداد مساماته بالمادة الفجة ومن علاماته بياض الشعر وعدم خروج الدم بغرز الابرة، ومن أسبابه انصباب أخلاط ردية باردة رطبة في العضو غير قابلة ________________________________________ 1 - سيأتي في كتاب الايمان والكفر ان شاء الله. (*) ________________________________________